للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[سورة الزمر (٣٩) : الآيات ٦ الى ٧]

خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْها زَوْجَها وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعامِ ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ خَلْقاً مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُماتٍ ثَلاثٍ ذلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ (٦) إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلا يَرْضى لِعِبادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ (٧)

قوله عز وجل: خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ يعني: من نفس آدم عليه السلام ثُمَّ جَعَلَ مِنْها زَوْجَها حواء وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعامِ ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ يعني: ثمانية أصناف. وقد فسرناه في سورة الأنعام يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ خَلْقاً مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ يعني: نطفة، ثم علقة، ثم مضغة، حالاً بعد حال، فِي ظُلُماتٍ ثَلاثٍ أي: ظلمة البطن، وظلمة الرحم، وظلمة المشيمة، وهو الذي يكون فيه الولد في الرحم، فتخرج بعد ما يخرج الولد، ذلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ يعني: الذي خلق هذه الأشياء هو ربكم، لَهُ الْمُلْكُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ يعني: من أين تكذبون على الله، ومن أين تعدلون عنه إلى غيره؟ فاعلموا، أنه خالق هذه الأشياء.

ثم قال: إِنْ تَكْفُرُوا يعني: إن تجحدوا وحدانيته، فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ يعني: عن إقراركم، وعبادتكم، وَلا يَرْضى لِعِبادِهِ الْكُفْرَ قال الكلبي: يعني: ليس يرضى من دينه الكفر. ويقال: لاَ يَرْضى لِعِبادِهِ الْكُفْرَ وهو ما قاله لإبليس: إن عبادى لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سلطان. ويقال: لاَ يَرْضى لِعِبادِهِ الْكُفْرَ يعني: بشيء من عبادة الكفار وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ يعني: إن تؤمنوا بالله، وتوحدوه، يرضه لكم. يعني: يقبله منكم، لأنه دينه، وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى يعني: لا يؤاخذ أحد بذنب غيره، ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ يعني:

مصيركم في الآخرة فَيُنَبِّئُكُمْ يعني: فيخبركم، بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ من خير، أو شر، فيجازيكم، إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ يعني: عالم بما في ضمائر قلوبهم.

[سورة الزمر (٣٩) : الآيات ٨ الى ١٠]

وَإِذا مَسَّ الْإِنْسانَ ضُرٌّ دَعا رَبَّهُ مُنِيباً إِلَيْهِ ثُمَّ إِذا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِنْهُ نَسِيَ ما كانَ يَدْعُوا إِلَيْهِ مِنْ قَبْلُ وَجَعَلَ لِلَّهِ أَنْداداً لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلاً إِنَّكَ مِنْ أَصْحابِ النَّارِ (٨) أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ آناءَ اللَّيْلِ ساجِداً وَقائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُوا رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ (٩) قُلْ يا عِبادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هذِهِ الدُّنْيا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ اللَّهِ واسِعَةٌ إِنَّما يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسابٍ (١٠)

<<  <  ج: ص:  >  >>