للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يعني: بنعمة منا، وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ يعني: من عذاب يومئذ. قرأ نافع والكسائي: وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ بنصب الميم، لأنها إضافة إلى اسم غير متمكن، فيجوز النصب. وقرأ الباقون:

يَوْمِئِذٍ، بكسر الميم، على معنى الإضافة. إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ أخبر الله تعالى محمداً صلّى الله عليه وسلّم، أنه قادر في أخذه، المنيع ممن عصاه.

ثم قال تعالى: وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ يعني: كفروا، صيحة جبريل. صاح صيحة، فماتوا كلهم، فَأَصْبَحُوا فِي دِيارِهِمْ جاثِمِينَ يعني: صاروا خامدين ميتين، كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيها يعني: صاروا كأن لم يكونوا في الدنيا. ويقال: كأن لم ينزلوا في ديارهم، ولم يكونوا.

أَلا إِنَّ ثَمُودَ كَفَرُوا رَبَّهُمْ يعني: جحدوا وحدانية ربهم، فهذا تنبيه وتخويف لمن بعدهم أَلا بُعْداً لِثَمُودَ يعني: خزياً وسحقاً لثمود في الهلاك. قرأ الكسائي: أَلا بُعْداً لِثَمُودَ بكسر الدال مع التنوين، وجعله اسماً للقوم، فلذلك جعله منصرفاً. وقرأ الباقون بنصب الدال، لأنه اسم القبيلة. وإنما يجري في قوله: أَلا إِنَّ ثَمُودَ اتباعاً للكتابة في مصحف الإمام، وأما الكسائي، فأجراه لقربه من قوله: أَلا إِنَّ ثَمُودَ كَفَرُوا رَبَّهُمْ أي جحدوا بوحدانية ربهم.

[سورة هود (١١) : الآيات ٦٩ الى ٧٣]

وَلَقَدْ جاءَتْ رُسُلُنا إِبْراهِيمَ بِالْبُشْرى قالُوا سَلاماً قالَ سَلامٌ فَما لَبِثَ أَنْ جاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ (٦٩) فَلَمَّا رَأى أَيْدِيَهُمْ لاَ تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قالُوا لاَ تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنا إِلى قَوْمِ لُوطٍ (٧٠) وَامْرَأَتُهُ قائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْناها بِإِسْحاقَ وَمِنْ وَراءِ إِسْحاقَ يَعْقُوبَ (٧١) قالَتْ يا وَيْلَتى أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهذا بَعْلِي شَيْخاً إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ (٧٢) قالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ (٧٣)

قوله تعالى: وَلَقَدْ جاءَتْ رُسُلُنا إِبْراهِيمَ بِالْبُشْرى يعني: ببشارة الولد. وذلك أن مدينة يقال لها: سدوما، ويقال: سدوم، وكانت بلدة فيها من السعة والخير ما لم يكن في سائر البلدان، وكان الغرباء يحضرون من سائر البلدان في أيام الصيف، ويجمعون من فضل ثمارهم مما كان خارجاً من الكروم والحدائق. فجاء إبليس عليه اللعنة، فشبه نفسه بغلام أمرد، وجعل يدخل كرومهم وحدائقهم ويراودهم إلى نفسه، حتى أظهر فيهم الفاحشة. وجاء إلى نسائهم، وقال: إن الرجال قد استغنوا عنكن، فعلَّمَهُنَّ أن يستغنين عن الرجال، حتى استغنى الرجال بالرجال، والنساء بالنساء. فأوحى الله تعالى إلى لوط ليدعوهم إلى الإيمان ويمتنعوا عن الفواحش، فلم يمتنعوا. فبعث الله جبريل ومعه أحد عشر من الملائكة بإهلاكهم، فجاؤوا إلى إبراهيم كهيئة الغلمان، فدخلوا على إبراهيم، فنظر فرأى اثني عشر غلاماً أمرد، ويقال: كانوا

<<  <  ج: ص:  >  >>