قوله تعالى: الر تِلْكَ وذلك أن اليهود والنصارى، قالوا لأصحاب النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: سلوا صاحبكم ما كان سبب انتقال يعقوب وأولاده من كنعان إلى مصر، ومبدأ أمرهم، فنزل: الر يقول: أنا الله أرى وأسمع سؤالهم إياك يا محمد عن هذه القصة. ويقال: الر أنا الله أرى صنيع إخوة يوسف ومعاملتهم معه. ويقال: أنا الله أرى ما يرى الخلق، وما لا يرى تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ يعني: حججه وبراهينه. ويقال: هذه الآيات التي وعدتكم في التوراة أن أنزلها على محمد صلّى الله عليه وسلّم. وعدهم بأن ينزل عليه كتاباً، في كثير من أوائل سوره حروف الهجاء. الْمُبِينِ يعني: مبين حلاله وحرامه. ويقال: بَيَّنَ فيه خبر يوسف وإخوته. وروى معمر، عن قتادة، قال: بين الله رشده وهداه.
قوله تعالى: إِنَّا أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا يقول: إنا أنزلنا جبريل ليقرأ على محمد صلّى الله عليه وسلّم القرآن، بلسان العرب، لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ يعني: لعلكم تفهمون ما فيه.
ثم قال تعالى: نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ- وذلك أن المسلمين قالوا لسلمان:
أخبرنا عن التوراة فإن فيها العجائب. فأنزل الله تعالى: نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ «١» - في هذا القرآن، ويقال: لا يصح هذا، لأن سلمان أسلم بالمدينة، وهذه السورة مكية، ولكن أصحاب النبي صلّى الله عليه وسلّم تمنوا نزول سورة عليهم، لا يكون فيها أمر ونهي وأحكام وحدود، فنزلت هذه السورة. ويقال: كانت اليهود تفاخروا بأن لهم قصة يوسف مذكورة في التوراة، فنزلت هذه السورة أفصح من لغة اليهود، فذهب افتخارهم على المسلمين. فقال تعالى: نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ سماه الله في ابتدائه أحسن القصص، وفي آخره عبرة، فقال: