للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شديدا، فأقبلت الوحوش حين أصابتها المطر إلى نوح، وسخرت له، فحمل في السفينة مِن كُلّ طير زوجين، ومن كل دابة زوجين، ومن كل بهيمة زوجين، ومن كل سبع زوجين، يعني:

الذكر والأنثى. فقال نوح: رب هذه الحية والعقرب، كيف أصنع بهما؟ فبعث الله تعالى جبريل، فقطع فقار العقرب، وضرب فم الحية. وكان نوح عليه السلام جعل للسفينة ثلاثة أبواب، بعضها أسفل من بعض، فجعل في الباب الأسفل: السباع والهوام، وجعل في الباب الأوسط:

البهائم والوحوش، وجعل في الباب الأعلى: بني آدم من ذكر منهم» ، فذلك قوله تعالى: وَما آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ قال ابن عباس: «هم ثمانون إنساناً» ، وقال الأعمش في قوله: وَما آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ قال: كان نوح، وثلاثة بنين، ونساؤهم. وقال مقاتل: كانوا أربعين رجلاً، وأربعين امرأة. قرأ عاصم في رواية حفص: مِنْ كُلٍّ بالتنوين، يعني: من كل شيء، ثُمَّ قال زَوْجَيْنِ على وجه التفسير للكل، وقرأ الباقون: مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ بغير تنوين، على معنى الإضافة.

[سورة هود (١١) : الآيات ٤١ الى ٤٢]

وَقالَ ارْكَبُوا فِيها بِسْمِ اللَّهِ مَجْراها وَمُرْساها إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (٤١) وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبالِ وَنادى نُوحٌ ابْنَهُ وَكانَ فِي مَعْزِلٍ يا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنا وَلا تَكُنْ مَعَ الْكافِرِينَ (٤٢)

قوله تعالى: وَقالَ ارْكَبُوا فِيها يعني: ادخلوا في السفينة. ويقال: الجؤوا فيها من الغرق بِسْمِ اللَّهِ مَجْراها يعني: إذا ركبتموها فقولوا: بِسْمِ اللَّهِ مَجْراها وَمُرْساها. قرأ حمزة والكسائي، وعاصم في رواية حفص: بِسْمِ اللَّهِ مَجْراها بنصب الميم، وهكذا قرأ ابن مسعود، والأعمش. وقرأ الباقون: بضم الميم. واتفقوا في مُرْساها، أنها بضم الميم، إلا أن حمزة، والكسائي قرءا بالإمالة. فأما من قرأها بضم الميم، فيكون بمعنى المصدر، ومعناه: يعني إجراؤها وإرساؤها بأمر الله تعالى، وهذا قول الفراء. ويقال: معناه بسم الله من حيث تجري وتحبس. ومن قرأ بالنصب فمعناه: بسم الله جريها وحبسها يعني: بأمر الله تعالى. إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ بالمؤمنين.

قوله تعالى: وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ يعني: السفينة تجري بهم في أمواج كَالْجِبالِ وَنادى نُوحٌ ابْنَهُ كنعان، وقرأ بعضهم: ونادى ابنها، يعني: ابن امرأته ولم يكن ابنه حقيقة، وقرأ بعضهم: وَنادى نُوحٌ ابْنَهُ بضم الألف، وهي بلغة طيئ. ويقال: إنه لم يكن ابنه، ولكن كان ابن امرأته. وقراءة العامة: وَنادى نُوحٌ ابْنَهُ قالوا: وَكانَ ابن نوح فِي مَعْزِلٍ يعني: في ناحية من السفينة، ويقال: من الجبل، يا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنا يعني: أسلم، واركب في السفينة معنا وَلا تَكُنْ مَعَ الْكافِرِينَ يعني: لا تثبت على الكفر، وتتخلف مع الكافرين. قرأ عاصم: يا بُنَيَّ ارْكَبْ بنصب الياء قرأ الباقون يا بُنَيَّ ارْكَبْ بالكسر. وقال أبو عبيدة:

<<  <  ج: ص:  >  >>