صلاحاً. روي عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أنه قال:«إن الله تَعَالَى لَيُصْلِحُ بِصَلاَحِ الرَّجُلِ أهْلَهُ وَوَلَدَهُ وَأَهْلَ دُوَيْرَتِهِ وَأَهْلَ الدُّوَيْرَاتِ حوله» . فَأَرادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغا أَشُدَّهُما، أي يبلغا مبلغ الرجال، وَيَسْتَخْرِجا كَنزَهُما رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ أي نعمة من ربك. وَما فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي أي من قبل نفسي ولكن الله أمرني به. ذلِكَ تَأْوِيلُ، أي تفسير مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً. تستطع وتسطع بمعنى واحد، يقال: اسطاع واستطاع.
قال الفقيه رضي الله عنه: حدثنا الخليل بن أحمد قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد الدوري قال: حدّثنا الحجاج الأعور قال: حدّثنا حمزة الزيات، عن أبي إسحاق، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، عن أبي بن كعب قال: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم «إذا دعا لأحد بدأ بنفسه وقال: «رَحْمَةُ الله عَلَيْنَا وَعَلَى مُوسَى فَلَوْ كَانَ صَبَرَ لَقَصَّ الله عَلَيْنَا مِنْ خَبَرِهِمَا»«١» . وفي رواية أخرى:«لَقَصَّ الله عَلَيْنَا مِنْ خَبَرِهِمَا العَجَائِبَ» فلما أراد موسى أن يرجع، قال للخضر:
أوصني. فقال له الخضر:«إياك واللجاجة، ولا تمش في غير حاجة، ولا تضحك من غير عجب، ولا تعير الخطائين بخطاياهم، وابكِ على خطيئتك يا ابن عمران» . قال مجاهد: إنما سمي الخضر خضراً، لأنه لا يكون بأرض إلا اخضرت.
ثم قال تعالى: وَيَسْئَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ، وكان اسمه اسكندر. وروي عن وهب بن منبه أنه قيل له: لم سمي ذا القرنين؟ فقال:«اختلف فيه أهل الكتاب، فقال بعضهم: لأنه ملك الروم وفارس، وقال بعضهم: لأنه كان في رأسه شبه القرنين، وقال بعضهم: لأنه بلغ قرني الشمس مشرقها ومغربها، فسماه الملك الذي عند قاف ذا القرنين، ويقال: رأى في المنام أنه دنا من الشمس وأخذ منها، فقصَّ رؤياه على قومه فسموه ذا القرنين» ، وقال الزجاج:«سمي ذا القرنين لأنه كان له ضفيرتان» . وعن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه أنه قال:«ضرب على قرني رأسه، وقيل: لأنه بلغ قطر الأرض» وقال عكرمة: «كان ذو القرنين نبياً، ولقمان نبياً» ، والخضر نبياً، وروى مجاهد، عن عبد الله بن عمرو بن العاص:«كان ذو القرنين نبياً» ، وروي عن علي بن أبي طالب أنه سئل عن ذي القرنين، فقال: كان رجلا صالحا، وهكذا قال ابن عباس وجمعة من الصحابة:«أن ذا القرنين كان رجلاً صالحاً، ولقمان كان رجلا حكيما» ،
(١) حديث أبي بن كعب: أخرجه البخاري (١٢٢) و (٣٤٠٠) و (٤٧٢٥) و (٤٧٢٧) ومسلم (٢٣٨٠) (١٧١) وأبو داود (٢٩٨٤) .