قوله تعالى: يا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ، وذلك أن النبيّ صلّى الله عليه وسلم خلا في يوم لعائشة- رضي الله عنها- مع جاريته مارية القبطية، فوقعت حفصة على ذلك، فقال لها رسول الله صلّى الله عليه وسلم:«لا تُعْلِمِي عَائِشَةَ» وحرم مارية على نفسه، فأخبرت حفصة عائشة بذلك، فأطلع الله تعالى نبيه على ذلك، فطلق النبيّ صلّى الله عليه وسلم حفصة، فأمر الله تعالى رسوله بكفارة اليمين، لتحريم جاريته على نفسه، وأمره بأن يراجع حفصة، فقال له جبريل: راجع حفصة، فإنها صوامة قوامة، ونزلت هذه الآية: يا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ يعني: مارية تَبْتَغِي مَرْضاتَ أَزْواجِكَ يعني: تطلب رضا زوجتك عائشة. وَاللَّهُ غَفُورٌ فيما حرم على نفسه.
ويقال: غفور لذنب حفصة. رَحِيمٌ حيث لم يعاقبها.
قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمانِكُمْ يعني: بيَّن الله لكم كفارة أيمانكم. ويقال: أوجب الله عليكم كفارة أيمانكم. وفي الآية وجه آخر روى هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة- رضي الله عنها- وعن أبيها قالت: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلم يحب الحلو والعسل، وكان إذا صلى العصر، دار على نسائه، فيدنو منهن فدخل على حفصة، فاحتبس عندها أكثر مما كان يحتبس، فسألت عائشة عن ذلك، فقيل لها: أهدت لها امرأة من قومها عكة عسل، فسقت لرسول الله صلّى الله عليه وسلم منه. فقالت: أما والله لنحتالن. فذكرت ذلك لسودة، وقالت: إذا دخل فإنه سيدنو منك، فقولي له: أكلت المغافير؟ فإنه سيقول لك: لا. فقولي له: ما هذه الريح؟ وكان رسول الله صلّى الله عليه وسلم يشتد عليه إذا وجد منه الريح، فإنه سيقول لك: حفصة سقتني شربة عسل.
فقولي له: جرست نحلة العُرْفُط يعني: أن تلك النحلة أكلت العرفط، وهو نبات به رائحة منكرة. وسأقول له ذلك، وقولي له أنت يا صفية. فلما دخل رسول الله صلّى الله عليه وسلم على سودة، قالت