مني، فبعث إليه. ثم إن جاره بعثه إلى آخر، فطاف سبعة أبيات، ثم عاد إلى الأول، فنزل وَيُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ قال الله تعالى وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ يعني:
ومن يمنع بخل نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ يعني: الناجين. وروى وكيع بإسناده، عن النبيّ صلّى الله عليه وسلم أنه قال «بريء من الشح من أدى الزكاة وأقرى الضيف وأعطى في النائبة» .
وقد أثنى الله تعالى على المهاجرين وعلى الأنصار، ثم أثنى على الذين من بعدهم على طريقتهم، فقال: وَالَّذِينَ جاؤُ مِنْ بَعْدِهِمْ يعني: التابعين، ويقال: يعني: الذين هاجروا من بعد الأولين. يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا وَلِإِخْوانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونا بِالْإِيمانِ يعني: أظهروا الإيمان قبلنا، يعني: المهاجرين والأنصار. وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنا غِلًّا يعني: غشا وحسدا وعداوة لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنا إِنَّكَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ يعني: رحيم بعبادك المؤمنين.
وفي الآية دليل: أن من ترحم على الصحابة واستغفر لهم، ولم يكن في قلبه غل لهم، فله حظ في المسلمين، وله أجر مثل أجر الصحابة. ومن شتم أو لم يترحم عليهم، أو كان في قلبه غل لهم، ليس له حظ في المسلمين، لأنه ذكر للمهاجرين فيه حظ، ثم ذكر الأنصار، ثم ذكر الذين جاءوا من بعدهم، وقد وصفهم الله بصفة الأولين، إذ دعا لهم وفي الآية دليل: أن الواجب على المؤمنين أن يستغفروا لإخوانهم الماضين، وينبغي للمؤمنين أن يستغفروا لآبائهم ولمعلميهم الذين علموهم أمور الدين. ثم نزل في شأن المنافقين: