ثم قال: وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهاجِرُوا إلى المدينة. مَا لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ في الميراث. قرأ حمزة وَلايَتِهِمْ بكسر الواو، وقرأ الباقون وَلايَتِهِمْ بالنصب، يعني:
النصرة، ومن قرأ بالكسر فهو من الإمارة والسلطان. ثم قال حَتَّى يُهاجِرُوا، يعني: إلى المدينة قالوا: يا رسول الله، هل نعينهم إذا استعانوا بنا على المشركين؟ يعني: الذين آمنوا ولم يهاجروا، قال الله تعالى: وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ، يعني استغاثوا بكم على المشركين فانصروهم، فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ على من قاتلهم، إِلَّا عَلى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ يعني: إلا أن يقاتلوا قوماً بينكم وبينهم ميثاق عهد، فلا تنصروهم عليهم وأصلحوا بينهم. وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ في العون والنصرة.
قوله تعالى: وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ، يعني: في الميراث، يرث بعضهم من بعض. إِلَّا تَفْعَلُوهُ، يعني: إن لم تفعلوا، يعني: ولاية المؤمن للمؤمن، والكافر للكافر، تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ يعني: بلية وَفَسادٌ كَبِيرٌ، يعني: سفك الدماء، فافعلوا ما أمرتم واعرفوا أن الولاية في الدين. وقال الضحاك: وَالَّذِينَ كَفَرُوا يعني: كفار مكة وكفار ثقيف بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ إِلَّا تَفْعَلُوهُ، يعني: إن لم تطيعوا الله في قتل الفريقين، تكن فتنة في الأرض وفساد كبير. وقال مقاتل: وفي الآية تقديم ومعناه: وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر، إِلَّا تَفْعَلُوهُ يعني: إن لم تنصروهم على غير أهل عهدكم من المشركين، تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ يعني: كفر وفساد كبير في الأرض.
ثم قال: وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا، يعني: أنزلوا وأوطنوا ديارهم المهاجرين، وَنَصَرُوا النبيّ صلّى الله عليه وسلّم. وإنما سُمِّي المهاجرون مهاجرين، لأنهم هجروا قومهم وديارهم. أُولئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا، يعني: صدقاً. لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ، يعني: ثواب حسن في الجنة.
ثم قال تعالى: وَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْ بَعْدُ وَهاجَرُوا، يعني: من بعد المهاجرين وَجاهَدُوا مَعَكُمْ فَأُولئِكَ مِنْكُمْ يعني: على دينكم. وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ، يعني: في الميراث من المهاجرين والأنصار.
وروى عبد الرزاق، عن معمر، عن قتادة قال: كان المسلمون يتوارثون بالهجرة