للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يعني: ساعات الليل أشد موافقة للقراءة وأسمع، ويقال هي أشد نشاطاً من النهار إذا كان الرجل محتسباً، ويقال: هي أوفى لقلوبهم وَأَقْوَمُ قِيلًا وأبين وأصوب وأثبت قراءة، وقال القتبي: ناشئة الليل يعني: ساعاته وهي مأخوذة من نشأت أي: ابتداء شيئاً بعد شيء فكأنه قال: إن ساعات الليل الناشئة فاكتفى بالوصف من الاسم قوله تعالى: أَشَدُّ وَطْئاً يعني:

أثقل على المصلي من ساعات النهار فأخبر أن الثواب على قدر الشدة وأقوم قيلاً يعني: أخلص للقول وأسمع له لأن الليل تهدأ فيه الأصوات وتنقطع فيه الحركات قرأ أبو عمرو وابن عامر أشد وطأ بكسر الواو ومد الألف والباقون بنصب الواو بغير مد فمن قرأ بالكسر يعني: أشد وطأ أي: موافقة لقلة السمع يعني: أن القرآن في الليل يتواطأ فيه قلب المصلي ولسانه وسمعه على التفهم يعني: أبلغ في القيام وأبين في القول. ويقال: أغلظ على اللسان. قوله تعالى: إِنَّ لَكَ فِي النَّهارِ سَبْحاً طَوِيلًا يعني: فراغاً طويلاً بقضاء حوائجك فيه ففرغ نفسك لصلاة الليل، وقال القتبي: سبحاً أي: تصرفاً إقبالاً وإدباراً بحوائجك وأشغالك قوله عز وجل: وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ يعني: اذكر توحيد ربك ويقال: فاذكر ربك. ويقال: صل لربك وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا يعني: أخلص إليه إخلاصاً في دعائك بعبادتك وهو قول مجاهد وقتادة ويقال: وتبتل إليه تبتيلا يعني: انقطع إليه وأصل التبتل القطع قيل لمريم العذراء البتول لأنها انقطعت إلى الله تعالى في العبادة.

[[سورة المزمل (٧٣) : الآيات ٩ إلى ١٩]]

رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلاً (٩) وَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلاً (١٠) وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ أُولِي النَّعْمَةِ وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلاً (١١) إِنَّ لَدَيْنا أَنْكالاً وَجَحِيماً (١٢) وَطَعاماً ذَا غُصَّةٍ وَعَذاباً أَلِيماً (١٣)

يَوْمَ تَرْجُفُ الْأَرْضُ وَالْجِبالُ وَكانَتِ الْجِبالُ كَثِيباً مَهِيلاً (١٤) إِنَّا أَرْسَلْنا إِلَيْكُمْ رَسُولاً شاهِداً عَلَيْكُمْ كَما أَرْسَلْنا إِلى فِرْعَوْنَ رَسُولاً (١٥) فَعَصى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ فَأَخَذْناهُ أَخْذاً وَبِيلاً (١٦) فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِنْ كَفَرْتُمْ يَوْماً يَجْعَلُ الْوِلْدانَ شِيباً (١٧) السَّماءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ كانَ وَعْدُهُ مَفْعُولاً (١٨)

إِنَّ هذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شاءَ اتَّخَذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلاً (١٩)

ثم قال عز وجل: رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ قرأ حمزة وابن عامر والكسائي وعاصم في رواية أبي بكر رب المشرق بالكسر والباقون رب بالضم فمن قرأ بالكسر وتبعه قوله واذكر اسم ربك رب المشرق والمغرب ومن قرأ بالضم فهو على الابتداء ويقال: معناه: هو رب المشرق

<<  <  ج: ص:  >  >>