إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ قرأ حمزة والكسائي فارقوا دينهم بالألف يعني: تركوا دينهم الإسلام ودخلوا في اليهودية والنصرانية. وقرأ الباقون فَرَّقُوا دِينَهُمْ يعني: آمنوا ببعض الرسل ولم يؤمنوا ببعض وَكانُوا شِيَعاً يعني: صاروا فرقاً مختلفة. وروي عن أسباط عن السدي أنه قال: هؤلاء اليهود والنصارى تركوا دينهم وصاروا فرقاً لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ أي: لم تؤمر بقتالهم ثم نسخ وأمر بقتالهم في سورة براءة.
وروى أبو أمامة الباهلي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:«إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكانُوا شِيَعاً إنَّهُمْ الخَوَارِجُ» . وفي هذه الآية حثّ للمؤمنين على أن كلمة المؤمنين ينبغي أن تكون واحدة، وأن لا يتفرقوا في الدين ولا يبتدعوا البدع ما استطاعوا.
ثم قال: لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ يقول: إنما عليك الرسالة وليس عليك القتال. ثم قال تعالى: إِنَّما أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ يعني: الحكم إلى الله ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِما كانُوا يَفْعَلُونَ أي في الدنيا ويقال ليس بيدك توبتهم ولا عذابهم إنما أمرهم إلى الله تعالى، ثم ينبئهم بما كانوا يفعلون.
مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها يعني: من جاء بالإيمان بشهادة أن لا إله إلا الله فله بكل عمل عمله في الدنيا من الخير عشرة أمثاله من الثواب. وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ يعني:
بالشرك فَلا يُجْزى إِلَّا مِثْلَها وهو الخلود في النار، لأن الشرك أعظم الذنوب والنار أعظم العقوبة. فذلك قوله: جَزاءً وِفاقاً [النبإ: ٢٦] يعني: جزاءً وافق العمل. ويقرأ فله عشر بالتنوين أمثالُها بضم اللام فتكون الأمثال صفة للعشر، وهي قراءة شاذة قرأها الحسن البصري