وقال: خاضعين، ولم يقل: خاضعات؟ قيل له: لأن الكلام انصرف إلى المعنى، فكأنه قال:
هم لها خاضعون.
قوله تعالى: وَما يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنَ الرَّحْمنِ مُحْدَثٍ وقد ذكرناه إِلَّا كانُوا عَنْهُ مُعْرِضِينَ يعني: مكذبين معرضين عن الإيمان به فَقَدْ كَذَّبُوا يعني: كذبوا بالقرآن، كما قال في آية أُخرى: فَقَدْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ [الأنعام: ٥] . ثمّ قال: فَسَيَأْتِيهِمْ أَنْبؤُا يعني: أخبار مَّا كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ يعني: يوم القيامة. ويقال: قد جاءهم بعض ذلك في الدنيا، وهو القتل والقهر والغلبة.
قوله عز وجل: أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الْأَرْضِ يعني: أو لم ينظروا في عجائب الأرض، ويتفكروا فيها كَمْ أَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ يعني: من كل نوع من النبات. ويقال: من كل لون حسن. وقال القتبي: الكريم يقع على الأنواع، والكريم: الشريف الفاضل. قال الله تعالى: إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ [الحجرات: ١٣] وَلَقَدْ كَرَّمْنا بَنِي آدَمَ [الإسراء: ٧٠] وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ [التوبة: ١٢٩] وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيماً [النساء: ٣١] قالَتْ يا أَيُّهَا الْمَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتابٌ كَرِيمٌ [النمل: ٢٩] أي: شريف فاضل، والكريم: الصفوح، وذلك من الشرف كما قال: فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ [النمل: ٤٠] ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ [الانفطار: ٦] أي الصفوح، والكريم: الكثير كما قال: وَرِزْقٌ كَرِيمٌ [الأنفال: ٤] أي: كثير، والكريم: الحسن وذلك من الشرف والفضل كما قال: مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ [الشعراء: ٧] أي: حسن وَقُلْ لَهُما قَوْلًا كَرِيماً [الإسراء: ٢٣] أي: حسناً. وروي عن الشعبي أنه قال: كَمْ أَنْبَتْنا فِيها يعني: بني آدم، فمن دخل الجنة فهو كريم، ومن دخل النار فهو لئيم.
ثم قال عز وجل: إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً يعني: في اختلاف النبات وألوانه لَآيَةً يعني:
لعبرة لأهل مكة أنه إله واحد.
ثم قال: وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ يعني: مصدقين بالتوحيد، ولو كان أكثرهم مؤمنين لم يعذّبوا. وقال مقاتل: وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ يعني: وما كانوا مؤمنين بل كلهم كانوا كافرين وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ يعني: المنيع بالنقمة لمن لم يجب الرسل الرَّحِيمُ حيث لم يعجل بعقوبتهم. ويقال: رحيم بالمؤمنين.