فأمر الحرائر بأخذ الجلباب. وقال الحسن: كن النساء والإماء بالمدينة. يقال لهن: كذا وكذا يخرجن، فيتعرض لهن السفهاء فيؤذونهن، فكانت الحرة تخرج فيحسبون أنها أمة ويؤذونها، فأمر الله تعالى المؤمنات أن يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ. وقال القتبي: يلبسن الأردية.
ويقال: يعني: يرخين الجلابيب على وجوههن. وقال مجاهد: يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ يعني: متجلببين ليعلم أنهن حرائر فلا يتعرض لهن فاسق بأذى من قول ولا ريبة.
قوله: وَنِساءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذلِكَ أَدْنى أَنْ يُعْرَفْنَ يعني: أحرى فَلا يُؤْذَيْنَ وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً إذا تابوا ورجعوا، ثم وعد المنافقين وخوّفهم لينزجروا عن الحرائر أو الإماء.
فقال عز وجل: لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنافِقُونَ عن نفاقهم وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يعني:
الميل إلى الزنى إن لم يتوبوا عن ذلك وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ يعني: الذين يخبرون بالأراجيف. وكانوا يخبرون المؤمنين بما يكرهون من عدوهم. والأراجيف: هي أول الاختيار. وأصل الرجف هو الحركة. فإذا وقع خبر الكذب فإنه يقع الحركة بالناس فسمي إرجافاً. ويقال: الأراجيف تلقح الفتنة. يعني: إن لم ينتهوا عن النفاق وعن الفجور وعن القول بالأراجيف.