بأن يأتي الرجل المرأة المتوفى عنها زوجها، فيعرض لها ويقول: إنك لتعجبيني وإنك لموافقة لي، فأرجو أن يكون بيننا اجتماع، ونحو ذلك من الكلام. فهذا هو التعريض من خطبة النسآء أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ، يعني أضمرتم في أنفسكم. قال الزجاج: كل شيء سترته فقد أكننته وكننته فهو مكنون، فلذلك أباح الله تعالى التعريض.
ثم قال: عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ، يعني خافوا الله في العدة من تزويجهن. وَلكِنْ لاَّ تُواعِدُوهُنَّ سِرًّا، يعني نكاحاً ويقال: جماعاً. وقال القتبي: سمي الجماع سراً، لأنه يكون في السر فيكنى عنه. إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفاً، يعني عدة حسنة، نحو إنك لجميلة وإني فيك لراغب.
وقوله تعالى: وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكاحِ، يقول: ولا تحققوا عقدة النكاح، يعني لا تتزوجوهن في العدة. حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتابُ أَجَلَهُ، يعني حتى تنقضي عدتها. وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ ما فِي أَنْفُسِكُمْ، يعني ما فى قلوبكم من الوفاء وغيره. فَاحْذَرُوهُ، يعني أن تخالفوه فيما أوجب عليكم. وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ، أي غفور ذو تجاوز، حليم حيث لم يعجل عليكم بالعقوبة.
لاَّ جُناحَ عَلَيْكُمْ، أي لا حرج عليكم إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّساءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ قرأ حمزة والكسائي تَمَاسُّوهُنَّ بالألف من المفاعلة، وهو فعل بين اثنين وقرأ الباقون بغير ألف، لأن الفعل للرجال خاصة. وقال بعضهم: المس هو الجماع خاصة، فما لم يجامعها لا يجب عليه تمام المهر. وقال بعضهم: إذا جامعها أو خلا بها، وجب عليه جميع الصداق إذا كان سمى لها مهراً وإن لم يكن سمى لها مهراً، فلها مهر مثلها إن دخل بها، وإن لم يدخل بها فلها المتعة. فذلك قوله تعالى: لاَ جُناحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّساءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ، يعني إذا تزوج الرجل امرأة ثم لم يعجبه المقام معها، فلا بأس بأن يطلقها قبل أن يمسها.