وأما قوله: خُطُواتِ الشَّيْطانِ [البقرة: ١٦٨ وغيرها] كان نافع وأبو عمرو وحمزة وعصام في رواية أبي بكر يقرءون خُطُواتِ بجزم الطاء. وقرأ الكسائي وابن كثير وعاصم في رواية حفص: خُطُواتِ بضم الطاء وهما لغتان ومعناهما واحد.
[[سورة البقرة (٢) : آية ١٧١]]
وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِما لا يَسْمَعُ إِلاَّ دُعاءً وَنِداءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَعْقِلُونَ (١٧١)
ثم قال تعالى: وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِما لا يَسْمَعُ إِلَّا دُعاءً وَنِداءً. فهذا مثل ضربه الله تعالى لأهل الكفر، إنهم مثل البهائم لا يعقلون شيئاً سوى ما يسمعون من النداء.
وفي الآية إضمار ومعناه: مثلك يا محمد مع الكفار، كمثل الذي ينعق بما لا يسمع إلا دعاءً ونداءً. وهذا قول الزجاج. وقال القتبي: قال الفراء: ومثل واعظ الذين كفروا فحذف ذكر الواعظ. كما قال تعالى: وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ [يوسف: ٨٢] . وقال القتبي أيضاً: مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا، يعني ومثلنا في وعظهم، فحذف اختصاراً إذ كان في الكلام ما يدل عليه، كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ، يعني الراعي إذا صاح في الغنم لا يسمع إلا دعاءً ونداءً فحسب، ولا تفهم قولاً ولا تحسن جواباً، فكذلك الكافر لا يعقل المواعظ. صُمٌّ عن الخبر فهم لا يسمعون بُكْمٌ، أي خرس لا يتكلمون بالحق عُمْيٌ لا يبصرون الهدى. ويقال: كأنّهم صم، لأنهم يتصاممون عن سماع الحق. فَهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ الهدى.
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ مَا رَزَقْناكُمْ، يعني من الحلال من الحرث والأنعام. وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ، يعني إن كنتم تريدون بترك أكله رضاء الله تعالى فكلوه، فإن رضي الله تعالى أن تحلوا حلاله وتحرموا حرامه. ويقال: إن محرم ما أحل الله مثل محل ما حرم الله. ويقال: في هذه الآية بيان فضل هذه الأمة، لأنه تعالى خاطبهم بما خاطب به أنبياءه- عليهم الصلاة والسلام- لأنه قال لأنبيائه: يا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّباتِ [المؤمنون: ٥١] ، وقال لهذه الأمة كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ مَا رَزَقْناكُمْ وقال في أول الآية: كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلالًا طَيِّباً [البقرة: ١٦٨] . فلما أمر الله تعالى بأكل هذه الأشياء التي كانوا يحرمونها على أنفسهم. قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: إن لم يكن هذه الأشياء محرمة فالمحرمات ما هي؟ فبيّن الله