إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ يعني ملك الموت يقبض أرواحهم ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ يعني الذين أسلموا بمكة، وتخلفوا عن الهجرة، وخرجوا مع المشركين إلى بدر، فلما رأوا قلة المؤمنين شكوا وكفروا، فقتل بعضهم، فأخبر الله تعالى عن حالهم فقال تعالى: قالُوا فِيمَ كُنْتُمْ يعني الملائكة تقول لهم: في أي شيء كنتم؟ ويقال: أين كنتم عن الهجرة؟ قالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ أي يقولون: كنا مقهورين في أرض مكة، لا نقدر أن نظهر الإيمان قالُوا أي: قالت الملائكة أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ واسِعَةً يعني المدينة مطمئنة آمنة فَتُهاجِرُوا يعني: تهاجروا إليها. فقال الله تعالى لمحمد صلى الله عليه وسلم: فَأُولئِكَ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ أي منزلهم ومصيرهم إلى النار وَساءَتْ مَصِيراً أي بئس المصير صاروا إليها. حدّثنا أبو الفضل بن أبي حفص، قال: حدّثنا الطحاوي قال حدثنا إبراهيم بن مرزوق، قال: حدّثنا أبو عبد الرحمن المقري، عن حيوة بن شريح، عن محمد بن عبد الرحمن بن نوفل، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: إن ناساً من المسلمين مع المشركين، يكثرون سواد المشركين يأتي السهم يرمى به فيصيب أحدهم فيقتله، فأنزل الله تعالى إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ الاْيَةَ.
ثم استثنى أهل العذر فقال: إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ أي المقهورين مِنَ الرِّجالِ وَالنِّساءِ وَالْوِلْدانِ فليس مأواهم جهنم وهم الذين لاَ يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا أي لا يجدون سعة الخروج عنهم إلى المدينة، ولا يعرفون طريقاً إلى المدينة فَأُولئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ أي يتجاوز عنهم، وعسى من الله واجب وَكانَ اللَّهُ عَفُوًّا عنهم غَفُوراً لهم فلا يعاقبهم، فقال عبد الله بن عباس: أنا ممن استثنى الله يومئذٍ وكنت غلاماً صغيراً وكان ذلك قبل نسخ الهجرة، ثم نسخت الهجرة بعد فتح مكة. حدّثنا أبو الفضل بن أبي حفص، قال: حدّثنا الطحاوي، قال: حدّثنا أبو أمية محمد بن إبراهيم، قال: حدّثنا عبيد الله بن