للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أولياء المسجد الحرام ويقال: وما كانوا أولياء الله. إِنْ أَوْلِياؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ، يعني: ما كان أولياء الله إلا المتقون من الشرك، وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ توحيد الله.

ثم قال: وَما كانَ صَلاتُهُمْ، معناه: وما لهم ألا يعذبهم الله وَما كانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكاءً وَتَصْدِيَةً، يعني: لم تكن صلاتهم حول البيت إِلَّا مُكاءً يعني: إلا الصفير وَتَصْدِيَةً يعني: التصفيق باليدين، إذا صلى النبيّ صلّى الله عليه وسلّم في المسجد الحرام. قرأ الأعمش مَا كَانَ صَلاَتِهِمْ بالنصب إِلاَّ مُكَاء وَتَصْدِيَةً كلاهما بالضم وهكذا قرأ عاصم في إحدى الروايتين، فجعل الصلاة خبر كان، وجعل المكاء والتصدية اسم كان. وقرأ الباقون:

صَلاَتِهِمْ بالضم فجعلوه اسم كان ومكاء وَتَصْدِيَةً بالنصب على معنى خبر كان.

ثم قَالَ: فَذُوقُوا الْعَذابَ بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ بتوحيد الله تعالى، فأهلكهم الله في الدنيا ولهم عذاب الخلود في الآخرة.

[سورة الأنفال (٨) : الآيات ٣٦ الى ٣٨]

إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَها ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ (٣٦) لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلى بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعاً فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ (٣٧) قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَّا قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الْأَوَّلِينَ (٣٨)

قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ على عداوة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ يعني: ليصرفوا الناس عن دين الله وطاعته. قال ابن عباس: «نزلت الآية في المطعمين يوم بدر، وهم الذين كانوا يطعمون أهل بدر حين خرجوا في طريقهم» .

قال الله تعالى: فَسَيُنْفِقُونَها. وكانوا ثلاثة عشر رجلاً أطعموا الناس الطعام، فكان على كل رجل منهم يوماً، منهم: أبو جهل، وأخوه الحارث، ابنا هشام، وعتبة وشيبة ابنا ربيعة، ومنبه ونبيه ابنا الحجاج، وأبو البختري بن هشام، وحكيم بن حزام، وأبي بن خلف وغيرهم.

يقول الله تبارك وتعالى: فَسَيُنْفِقُونَها ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً، يعني: تكون نفقاتهم عليهم حسرة وندامة، لأنها تكون لهم زيادة العذاب، فتكوى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنوبُهُمْ وظهورهم.

وقال مجاهد: هو نفقة أبي سفيان على الكفار يوم أحد. وقال الحكم: أنفق أبو سفيان على المشركين يوم أحد أربعين أوقية ذهباً. ثُمَّ يُغْلَبُونَ، يعني: يهزمون ولا تنفعهم نفقتهم شيئاً.

وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ، يعني: القتل والهزيمة لم تكن كفارة لذنوبهم، فيحشرون في الآخرة إلى جهنم.

ثم قال الله تعالى: لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ، يعني: الْخَبِيثَ من العمل

<<  <  ج: ص:  >  >>