للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم قال: هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ يعني: آدم، وأنتم من ذريته ومن نسله ثُمَّ قَضى أَجَلًا يعني: أجل ابن آدم منذ يوم ولد إلى يوم يموت. وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ يعني: البرزخ منذ يموت إلى يوم البعث، فهو مكتوب في اللوح المحفوظ فهذا قول مقاتل والحسن. وقال عكرمة: أَجَلًا يعني: أجل الدنيا وَأَجَلٌ مُسَمًّى يعني: أجل الآخرة. وهكذا قال سعيد بن جبير: ويقال أَجَلًا يعني: أجل واحد وَأَجَلٌ مُسَمًّى يعني: يوم القيامة ثُمَّ أَنْتُمْ تَمْتَرُونَ يعني: تشكون في البعث بعد الموت وفي الأجل المسمى.

ثم قال: وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّماواتِ وَفِي الْأَرْضِ يعني: هو المتفرد بالتدبير في السموات وفي الأرض. وهذا كقوله: وَهُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلهٌ [الزخرف: ٨٤] يعني: وهو خالق السموات والأرض. ويقال: هو الذي يوحد ويقر بوحدانيته أهل السموات والأرض.

ويقال: عالم بما في السموات وبما في الأرض. يَعْلَمُ سِرَّكُمْ يعني: يعلم سر أعمالكم وَجَهْرَكُمْ يعني علانيتكم وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ من الخير والشر فيجازيكم بذلك.

ثم أخبر عن أمر المشركين فقال

[سورة الأنعام (٦) : الآيات ٤ الى ٦]

وَما تَأْتِيهِمْ مِنْ آيَةٍ مِنْ آياتِ رَبِّهِمْ إِلاَّ كانُوا عَنْها مُعْرِضِينَ (٤) فَقَدْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جاءَهُمْ فَسَوْفَ يَأْتِيهِمْ أَنْباءُ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ (٥) أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ وَأَرْسَلْنَا السَّماءَ عَلَيْهِمْ مِدْراراً وَجَعَلْنَا الْأَنْهارَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمْ فَأَهْلَكْناهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَنْشَأْنا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْناً آخَرِينَ (٦)

وَما تَأْتِيهِمْ مِنْ آيَةٍ مِنْ آياتِ رَبِّهِمْ إِلَّا كانُوا عَنْها مُعْرِضِينَ ولم يتفكروا فيها ليعتبروا في توحيد الله تعالى. وذلك أن مشركي مكة سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يريهم علامة. وقالوا: إنا نريد أن تدعو لينشق القمر نصفين لنؤمن بك، وبربك، ونصدقك. فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فانشق القمر شقين، وذهب أحد النصفين إلى جانب حراء، والآخر إلى جانب آخر وهم ينظرون إليه.

وقال ابن مسعود: أنا رأيت حراء بين فلقتي القمر. فأعرضوا عنه فلم يؤمنوا. وقالوا: هذا سحر مبين.

فنزلت اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا [القمر: ١، ٢] ونزلت هذه الآية: وَما تَأْتِيهِمْ مِنْ آيَةٍ مِنْ آياتِ رَبِّهِمْ يعني: انشقاق القمر إِلَّا كانُوا عَنْها مُعْرِضِينَ.

يقول الله تعالى: فَقَدْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جاءَهُمْ يعني: بالقرآن حين جاءهم به محمد صلى الله عليه وسلم، واستهزءوا بالقرآن بأنه ليس من الله تعالى.

<<  <  ج: ص:  >  >>