ثم قال: كَذلِكَ زُيِّنَ لِلْكافِرِينَ مَا كانُوا يَعْمَلُونَ يعني: هكذا نعاقب من اختار الكفر على الإيمان فنختم على قلبه مجازاة لكفره.
ثم قال: وَكَذلِكَ جَعَلْنا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكابِرَ مُجْرِمِيها يعني جعلنا مجرميها أكابرها وجبابرتها كما جعلنا في أهل مكة وهذا معطوف على ما قبله أي مثل ذلك جعلنا في كل قرية كما زين للكافرين لِيَمْكُرُوا فِيها يعني: ليتكبروا فيها ويكذبوا رسلهم وَما يَمْكُرُونَ يعني:
وما يصنعون ذلك إِلَّا بِأَنْفُسِهِمْ يعني: إلا على أنفسهم وَما يَشْعُرُونَ أن ذلك على أنفسهم.
وَإِذا جاءَتْهُمْ آيَةٌ يعني: الأكابر الذين سبق ذكرهم. ويقال: كفار مكة إذا جاءتهم علامة مثل انشقاق القمر وغيره قالُوا لَنْ نُؤْمِنَ يعني: لن نصدقك ولن نؤمن بالآية حَتَّى نُؤْتى مِثْلَ مَا أُوتِيَ
أي مثل ما أعطي رُسُلُ اللَّهِ يعني محمدا صلى الله عليه وسلم من الآيات والعلامات.
ويقال: لم نصدقك حتى يوحى إلينا كما أوحي إلى الرسل، وذلك أن الوليد بن المغيرة وأبا مسعود الثقفي قالا: لو أراد الله تعالى أن ينزل الوحي لأنزل علينا. قال بعضهم: أرادوا به محمداً صلى الله عليه وسلم وقال بعضهم: أرادوا به جميع الرسل فقال الله تعالى: اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ ومن يصلح للنبوة ومن لا يصلح فخصّ بها محمدا صلى الله عليه وسلم سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُوا يعني: أشركوا صَغارٌ عِنْدَ اللَّهِ يعني: مَذَلَّة وهوان عند الله أي من عند الله العذاب بالمستهزئين وَعَذابٌ شَدِيدٌ بِما كانُوا يَمْكُرُونَ يعني: يكذبون بالرسل قرأ ابن كثير وعاصم في رواية حفص حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ بلفظ الوحدان وقرأ الباقون رِسالاتِهِ بلفظ الجماعة.
قوله تعالى: فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يعني: من يرد الله أن يوفقه للإسلام ويهديه لدينه يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ يقول يوسع قلبه ويلينه لقبول الإسلام، ويدخل فيه نور الإسلام وحلاوته. وقال القتبي: يَشْرَحْ صَدْرَهُ يعني: يفتحه.