قال: فضحك رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، حتى بدت نواجذه وقال:«صَدَقْتَ يَا حَسَّانُ، هُوَ كَمَا قُلْتَ»«١» .
ثم قال تعالى: وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْها، يعني: يوم بدر والأحزاب وحنين وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلى، يعني: الشرك بالله. وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيا، يعني: شهادة أن لا إله إلا الله. قرأ الأعمش ويعقوب الحضرمي وَكَلِمَةُ اللَّهِ بالنصب، يعني: وجعل كلمة الله.
وقراءة العامة بالضم على معنى الاستئناف وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ حكم بإظهار التوحيد وإطفاء دعوة المشركين.
قوله تعالى انْفِرُوا خِفافاً وَثِقالًا قال الكلبي: خِفافاً يعني: أهل العسرة من المال، وقلة العيال، وثِقالًا يعني: أهل الميسرة في المال والصبية والعيال. وقال الكلبي: ويقال فيها وجه آخر: انْفِرُوا خِفافاً، يقول: نشاطاً في الجهادِ وَثِقالًا غير نشاط في الجهاد، وكذا قال مقاتل. ويقال: انْفِرُوا خِفافاً وَثِقالًا يعني: شباناً وشيوخاً. وروى حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس: أن أبا طلحة الأنصاري قرأ هذه الآية انْفِرُوا خِفافاً وَثِقالًا، فقال: ما أرى الله تعالى إلا يستنفرنا شبابا وشيوخا، جهزوني فقلنا: قد غزوت مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وأبي بكر وعمر وأنت اليوم شيخ. قال: جهزوني، فجهزناه، فركب البحر فمات في غزاته. وروى سفيان، عن منصور، عن الحكم قال: انْفِرُوا خِفافاً وَثِقالًا قال: مشاغيل وغير مشاغيل. وروى مسروق، عن أبي الضحى قال: أول ما نزلت من سورة براءة هذا انْفِرُوا خِفافاً وَثِقالًا ثم نزل أولها وآخرها. وروي عن ابن عباس أنه قال:«نسختها هذه الآية» : وَما كانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً [التوبة: ١٢٢] وقال بعضهم: ليست بمنسوخة، ولكنها في الحالة التي وقع فيها النفير عاما، وجب على جميع الناس الخروج إلى الجهاد، وإذا لم يكن النفير عاماً، لا يكون فرضاً عاماً. فإذا خرج بعض الناس، سقط عن الباقين، وبه نأخذ.
ثم قال تعالى: ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ، يعني: الجهاد خير لكم من الجلوس، إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ يعني: تصدقون بثواب الله. ويقال: معناه إن كنتم تعلمون أن الخروج إلى الجهاد خير لكم من القعود، فَانْفِرُوا خِفَافاً وَثِقَالاً.
ثم نزل في شأن المنافقين الذين تخلفوا قوله: لَوْ كانَ عَرَضاً قَرِيباً، يعني: غنيمة