اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ على أداء الفرائض وبالصلاة خاصة. قال الزجاج: استعينوا بالصبر على ما أنتم عليه وإن أصابكم مكروه. وقال مجاهد: استعينوا بالصبر أي بالصوم والصلاة. وقال الضحاك: استعينوا بالصبر على صوم شهر رمضان وعلى الصلوات الخمس.
ويقال: الصبر هو الصبر بعينه. ذكر في هذه الآية الطاعة الظاهرة والطاعة الباطنة، فأمر بالصبر والصلاة، لأنه ليس شيء من الطاعة الظاهرة أشد من الصلاة على البدن، لأنه يجتمع فيها أنواع الطاعات: الخضوع والإقبال والسكون والتسبيح والقراءة فإذا تيسر عليه الصلاة تيسر عليه ما سوى ذلك. وليس شيء من الطاعات الباطنة أشد من الصبر على البدن، فأمر الله بالصبر والصلاة لأنه حسن. ثم قال: إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ، فالله تعالى مع كل أحد، ولكن خصّ الصابرين لكي يعلموا أن الله سبحانه وتعالى يفرج عنهم.
قال الضحاك: هم النفر الذين قتلوا عند بئر معونة. وقال الكلبي: هم الذين قتلوا ببدر إذ قتل من المسلمين يومئذٍ أربعة عشر رجلاً ثمانية من الأنصار وستة من المهاجرين وكان الناس يقولون: مات فلان ومات فلان، فأنزل الله تعالى: وَلا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْواتٌ بَلْ أَحْياءٌ لأنهم في الحكم كالأحياء، لأنه يجري ثوابهم إلى يوم القيامة، ولأنهم يسرحون في الجنة حيث شاؤوا. كما قال في آية أخرى: عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ فَرِحِينَ [آل عمران: ١٦٩] وَلكِنْ لاَّ تَشْعُرُونَ [البقرة: ١٥٤] .
وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ، يعني المؤمنين بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ. يقول: لنختبرنكم بخوف العدو، وهو الخوف الذي أصابهم يوم الخندق، حتى بلغت القلوب الحناجر والجوع وهو القحط الذي أصابهم، فكان يمضي على أحدهم أياماً لا يجد طعاماً. وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوالِ، يعني ذهاب أموالهم، ويقال موت الماشية. وَالْأَنْفُسِ، يعني الموت والقتل والأمراض.
وَالثَّمَراتِ نقصان الثمرات، فلا تخرج الثمرات كما كانت تخرج أو تصيبها الآفة. ويقال:
موت الثمرات هو موت الولد وهو ثمرة القلب. ثم قال: وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ، يعني الذين يصبرون على هذه المصائب والشدائد التي ذكرنا.
ثم وصفهم فقال تعالى: الَّذِينَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ صبروا ولم يجزعوا، وقالُوا إِنَّا