قوله تبارك وتعالى: حم روي عن ابن عباس أنه قال الحواميم كلها مكية. وهكذا روي عن محمد بن الحنفية. وقال ابن مسعود: إِنَّ حم دِيْبَاجُ القُرْآنِ. وروي عن النبيّ صلّى الله عليه وسلم أنه قال:«مَنْ أَرَادَ أَنْ يَرْتَعَ فِي رِيَاضِ الجَنَّةِ فَلْيَقْرَأْ الحَوَامِيم» . وقال قتادة: حم اسم من أسماء الله الأعظم. ويقال: اسم من أسماء القرآن. ويقال: قسم أقسم الله بحم. ويقال: معناه قضى بما هو كائن. ويقال: حم الأمر أي: قدر، وقضى، وتم. وقرأ ابن كثير، وحفص، عن عاصم: حم بفتح الحاء. وقرأ أبو عمرو، ونافع: بين الفتح والكسر، والباقون بالكسر.
وكل ذلك جائز في اللغة.
ثم قال: تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ يعني: إنّ هذا القرآن الذي يقرأه عليكم محمد، هو من عند الله، العَزِيز في سلطانه، وملكه، الْعَلِيمِ بخلقه، وبأعمالهم، غافِرِ الذَّنْبِ لمن يقول: لا إله إلا الله، مخلصاً، يستر عليه ذنوبه، وَقابِلِ التَّوْبِ لمن تاب، ورجع، شَدِيدِ الْعِقابِ لمن مات على الشرك، ولم يقل لا إله إلا الله، ذِي الطَّوْلِ يعني:
ذي الفضل على عباده، والمن والطول في اللغة: التفضل. يقال: طل علي برحمتك أي:
تفضل. وقال مقاتل: ذي الطَّوْلِ يعني: ذي الغنى عمى لم يوحده.
ثم وحّد نفسه فقال: لاَ إِلهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ يعني: إليه مصير العباد، ومرجعهم في الآخرة، فيجازيهم بأعمالهم.