ثم قال: قالَ فَما خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ أي قال إبراهيم: ما حالكم، وشأنكم، وبماذا جئتم، قالُوا إِنَّا أُرْسِلْنا إِلى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ أي: مشركين. قال إبراهيم: من هم؟ قالوا: قوم لوط. قال إبراهيم: أتهلكونهم، وفيهم لوط؟ فقالوا: إِلَّا آلَ لُوطٍ يعني: ابنتيه زعورا وريثا.
ويقال: امرأة له أخرى غير التي أهلكت إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ قرأ حمزة والكسائي إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ بالتخفيف، وقرأ الباقون: بنصب النون، وتشديد الجيم. من أنجى، ينجي، وَنَجَّى، ينجي، بمعنى واحد إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنا عليها الهلاك إِنَّها لَمِنَ الْغابِرِينَ أي لمن المتخلفين للهلاك. قرأ عاصم في رواية أبي بكر قَدَّرْنا بالتخفيف، وهو من القدر. وقرأ الباقون:
بالتشديد، وهو من التقدير.
قوله عز وجل: فَلَمَّا جاءَ آلَ لُوطٍ الْمُرْسَلُونَ قالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ أي: لما دخلوا عليه، أنكرهم ولم يعرفهم قالُوا بَلْ جِئْناكَ بِما كانُوا فِيهِ يَمْتَرُونَ أي: بما كانوا يشكون من نزول العذاب بهم وَأَتَيْناكَ بِالْحَقِّ أي: بالعذاب، وهو العدل والصدق وَإِنَّا لَصادِقُونَ بأن العذاب نازل بهم فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ أي: في بعض الليل. قرأ ابن كثير ونافع فَأَسْرِ بجزم الألف، والباقون بالنصب، سريت وأسريت إذا سرت ليلاً وَاتَّبِعْ أَدْبارَهُمْ يقول: امش وراءهم وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ. لا يتخلف منكم أحد وَامْضُوا أي: انطلقوا حَيْثُ تُؤْمَرُونَ أي إلى المدينة وهي مدينة زغر.
قوله: وَقَضَيْنا إِلَيْهِ ذلِكَ الْأَمْرَ أي أمرناه بالخروج إلى الشام إلى مدينة زغر أَنَّ دابِرَ هؤُلاءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ أي: إنهم مستأصلون عند الصباح.
ثمّ قال: وَجاءَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَسْتَبْشِرُونَ بدخول الرجال منزل لوط قالَ لوط إِنَّ هؤُلاءِ ضَيْفِي يقول: أضيافي فَلا تَفْضَحُونِ فيهم وَاتَّقُوا اللَّهَ وَلا تُخْزُونِ أي: لا تذلوني في أضيافي قالُوا أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعالَمِينَ أي: ألم ننهك أن تضيف أحداً من الغرباء قالَ هؤُلاءِ بَناتِي أي: بنات قومي أزوجكم بهنّ إِنْ كُنْتُمْ فاعِلِينَ أي: فتزوجوا النساء، فإن الله تعالى خلق النساء للرجال، وأمر بتزويجهن.