وقوله تعالى: فَلِذلِكَ فَادْعُ يعني: فإلى ذلك ادعهم يعني: إلى القرآن، ويقال: إلى التوحيد وَاسْتَقِمْ كَما أُمِرْتَ يعني: استقم عليه كما أمر وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ يعني: لا تعمل بهواهم، وذلك حين دعوه إلى ملة آبائه وَقُلْ آمَنْتُ يعني: صدقت بِما أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتابٍ يعني: بجميع ما أنزل الله من الكتب عليَّ وعلى من كان قبلي وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ وهو الدعوة إلى التوحيد، وإلى قول: لا إله إلا الله اللَّهُ رَبُّنا وَرَبُّكُمْ يعني: خالقنا وخالقكم لَنا أَعْمالُنا وَلَكُمْ أَعْمالُكُمْ يعني: لنا ديننا، ولكم دينكم لاَ حُجَّةَ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمُ يعني: لا خصومة بيننا وبينكم، يوم القيامة وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ يعني: إليه المرجع في الآخرة.
قوله تعالى: وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللَّهِ يعني: يخاصمون في توحيد الله ودين الله مِنْ بَعْدِ مَا اسْتُجِيبَ لَهُ يعني: من بعد ما أجابوا إياه، أي: بعد ما أجاب المؤمنون بتوحيد الله لنبيه. وقال مجاهد: طمع رجال بأن يعودوا إلى الجاهلية فنزل وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللَّهِ إلى قوله: حُجَّتُهُمْ داحِضَةٌ وروى معمر عن قتادة قال: والذين يحاجون في الله، يعني: في دينه قال: هم اليهود، والنصارى. قالوا: كتابنا قبل كتابكم، ونبينا قبل نبيكم، ونحن خير منكم.
فنزل وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللَّهِ أي: في دين الله مِنْ بَعْدِ مَا اسْتُجِيبَ لَهُ يعني: من بعد ما دخل الناس في الإسلام حُجَّتُهُمْ داحِضَةٌ يعني: خصومتهم باطلة. ويقال: احتجاجهم زائل، ساقط. يقال دحض أي: زال، ومعناه: ليس لهم حجة. وسمى قولهم حجة على وجه المجاز، يعني: حجتهم كما قال: فَما أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ يعني: الآلهة بزعمهم، ولم يكونوا آلِهَة في الحقيقة عِنْدَ رَبِّهِمْ وَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ يعني: كما يكابرون عقولهم وَلَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ بما كانوا يفعلون.