فَلَمَّا أَتاها يعني: النار نُودِيَ مِنْ شاطِئِ الْوادِ الْأَيْمَنِ يعني: من جانب الوادي الأيمن عن يمين موسى عليه السلام فِي الْبُقْعَةِ الْمُبارَكَةِ يعني: من الموضع المبارك الذي كلم الله تعالى فيه موسى عليه السلام مِنَ الشَّجَرَةِ أَنْ يا مُوسى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ يعني:
الذي يناديك رب العالمين.
قوله عز وجل: وَأَنْ أَلْقِ عَصاكَ يعني: ونودي بأن ألق عصاك فَلَمَّا رَآها تَهْتَزُّ كَأَنَّها جَانٌّ وَلَّى مُدْبِراً وَلَمْ يُعَقِّبْ وقد ذكرناه. قال الله عزّ وجلّ: يا مُوسى أَقْبِلْ وَلا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ يعني: من الحية يعني: قد آمنت أن ينالك منها مكروه اسْلُكْ يَدَكَ أي: أدخل يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَناحَكَ مِنَ الرَّهْبِ يعني: يدك.
قال بعضهم: هذا ينصرف إلى قوله: وَلَمْ يُعَقِّبْ من الرهب، يعني: لم يلتفت من الخوف. ويقال: كان خائفاً، فأمره بأن يضم يده إلى صدره، ففعل حتى سكن عن قلبه الرعب.
قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو مِنَ الرَّهْبِ بنصب الراء والهاء، وقرأ عاصم في رواية حفص بنصب الراء، وجزم الهاء، والباقون بضم الراء، وجزم الهاء، ومعنى ذلك كله واحد، وهو الخوف. وقال بعضهم: هو الكدر.
ثم قال: فَذانِكَ بُرْهانانِ مِنْ رَبِّكَ يعني: اليد والعصا آيتان وعلامتان من ربك، وحجتان لنبوتك. قرأ ابن كثير وأبو عمرو. فَذانِكَ بتشديد النون. وقرأ الباقون بالتخفيف، وهما لغتان، وهو الإشارة إلى شيئين. يقال للواحد: ذلك وذاك، وللإثنين ذانك وذايك. إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِ ومعناه: أرسلناك إلى فرعون بهاتين الآيتين إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ يعني:
قالَ موسى رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْساً فَأَخافُ أَنْ يَقْتُلُونِ به وَأَخِي هارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِساناً يعني: أبين مني لساناً، وكانت في لسان موسى عقدة من النار التي أدخلها فاه فَأَرْسِلْهُ مَعِي رِدْءاً أي عوناً يُصَدِّقُنِي يعني: لكي يصدقني، ويعبر عن كلامي. قرأ نافع ردا بغير همز، وقرأ الباقون بالهمز، فمن قرأ بالهمز، فهو الأصل، ومن قرأ بغير همز، فإنما ألقى فتحة الهمزة على الدال، وليّن الهمزة. وقرأ عاصم وحمزة يُصَدِّقُنِي بضم القاف، وقرأ