أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ يعني أعطوا حظا من علم التوراة قال مقاتل: نزلت في كعب بن الأشرف، وجماعة منهم حين قالوا نحن أَهْدَى سبيلاً، وما بعث الله رسولاً بعد موسى- عليه السلام- فقال لهم النبيّ صلّى الله عليه وسلم:«أَنْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ الَّذِي أَقْولُ لَكُمْ حَقٌّ فأَخْرِجُوا التَّورَاةَ» ، فأَبَوا. فأنزل الله تعالى هذه الآية أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ يُدْعَوْنَ إِلى كِتابِ اللَّهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ وَهُمْ مُعْرِضُونَ وقال الكلبي: نزلت في يهوديين من أهل خيبر زنيا، وكان الحكم في كتابهم الرجم، فاختصموا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقضى عليهما بالرجم فقالوا: ليس هذا بحكم الله فدعا بالتوراة، ودعا بابن صوريا، وكان يسكن فَدَك، وكان أعور، فحلَّفه بالله، فأقرّ بالقصة، فأنزل الله تعالى أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ يُدْعَوْنَ إِلى كِتابِ اللَّهِ الآية. ثم قال: ذلِكَ أي ذلك الجزاء. قال مقاتل فيها تقديم وتأخير، ومعناه فبشرهم بعذاب أليم ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ ويقال: إنما جزاؤهم خلاف الكتاب، لأنهم قالوا لن تمسنا النار إِلَّا أَيَّاماً مَعْدُوداتٍ يعني أربعين يوماً على عدد أيام عبادة العجل ويقال على عدد أيام الدنيا.
ويقال: إن مذهبهم كان مذهب جَهْم، لأنهم لا يرون الخلود في النار وَغَرَّهُمْ فِي دِينِهِمْ عَفْوُ الله عنهم بتأخير العذاب مَّا كانُوا يَفْتَرُونَ أي يكذبون على الله، وهو قولهم نَحْنُ أَبْناءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ [المائدة: ١٨١] ، فذلك قولهم الذي غرهم.
ثم خوفهم فقال تعالى: فَكَيْفَ إِذا جَمَعْناهُمْ فقال فكيف يصنعون وكيف يحتالون إذا جمعناهم؟ لِيَوْمٍ لاَّ رَيْبَ فِيهِ يعني يوم القيامة، لا شك فيه عند المؤمنين، بأنه كائن وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ أي وفيت وأُعْطِيَتْ كل نفس ثواب ما عملت وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ أي لا ينقصون من ثواب أعمالهم شيء.