قوله تعالى: قُلْ لِعِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا قرأ حمزة والكسائي وابن عامر: قل لعباد الذين بغير ياء. وقرأ الباقون: قُلْ لِعِبادِيَ الَّذِينَ بالياء مع النصب. وأصله الياء، إلا أن الكسرة تغني عن الياء. وقال بعض الحكماء: شرف الله تعالى عباده بهذه الياء، وهي خير لهم من الدنيا وما فيها، لأن فيه إضافة إلى نفسه، والإضافة تدل على العتق، لأن رجلاً لو قال لعبده: يا ابن، أو يا ولد لا يعتق، ولو قال يا ولدي أو يا ابني يعتق بالإضافة إلى نفسه، فكذلك إذا أضاف الله العباد إلى نفسه، وفيه دليل على أنه يعتقهم من النار.
قوله: يُقِيمُوا الصَّلاةَ يعني: يتمونها بركوعها وسجودها ومواقيتها، وَيُنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْناهُمْ من الأموال سِرًّا وَعَلانِيَةً يعني: سِرًّا على المتعففين، وَعَلانِيَةً على السائلين مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَّ بَيْعٌ فِيهِ يعني: لا فداء فيه وَلا خِلالٌ يعني: لا مخالة تنفعه، وهي الصداقة. لأنه إذا نزل بهم شدة في الدنيا، يفادون ويشفع خليلهم، وليس في الآخرة شيء من ذلك، وإنما هي أعمالهم. قرأ ابن كثير وأبو عمرو لاَّ بَيْعٌ وَلاَ خلال بنصب العين واللام. وقرأ الباقون: بالرفع والتنوين فيهما، وهذا الاختلاف مثل قوله وَلا خُلَّةٌ وَلا شَفاعَةٌ [البقرة: ٢٥٤] .
دائمين مطيعين. يعني: ذلّل لكم ضوء الشمس بالنهار، وضوء القمر بالليل وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ يعني: جعل بني آدم، يلتمسون فيها المعيشة، وينتشرون في النهار إلى حوائجهم، وفي الليل مستقرهم ومنامهم، وَآتاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ يعني: أعطاكم من كل شيء لم تحسنوا أن تسألوا، فأعطيتكم برحمتي. وروى عبد الرزاق، عن معمر، عن قتادة أنه قال: لم تسألوه بكل الذي أعطاكم. وقال معمر والحسن: آتاكم من كل الذي سألتموه. قال مجاهد: كل ما سألتموه، أي رغبتم إليه فيه، قرأ بعضهم مِنْ كُلِّ بالتنوين يعني: أعطاكم من كل شيء.