قوله تعالى: وَالذَّارِياتِ ذَرْواً أقسم الله عز وجل، بالرياح إذا أذرت ذرواً، وروى يعلى بن عطاء، عن ابن عمر- رضي الله عنهما- قال: الرياح ثمانية: أربعة منها رحمة، وأربعة منها عذاب، فالرحمة منها: الناشرات، والمبشرات، والذاريات، والمرسلات، وأما العذاب: العاصف والقاصف والصرصر والعقيم، وعن أبي الطفيل قال: شهدت عليّا- رضي الله عنه- وهو يخطب ويقول: سلوني عن كِتَابِ الله عَزَّ وَجَلَّ، فو الله ما من آية إلا وأنا أعلم أنزلت بالليل، أم بالنهار فسأله ابن الكواء فقال له: ما الذَّارِياتِ ذَرْواً قال: الرياح. قال فَالْحامِلاتِ وِقْراً؟ قال: السحاب قال: فما فَالْجارِياتِ يُسْراً قال: السفن جرت بالتسيير على الماء. فَالْمُقَسِّماتِ أَمْراً؟ قال: الملائكة.
وعن ابن عباس- رضي الله عنه- قال: والذاريات الرياح، قال: ما ذرت الريح، فالحاملات وقرأً يعني: السحاب الثقال، الموقرة من الماء، فالجاريات يسراً، يعني: السفن جرت بالتسيير على الماء، فالمقسمات أمراً، يعني: أربعة من الملائكة جبريل وميكائيل وإسرافيل وملك الموت، لكل واحد منهم أمر مقسوم، وهم المدبرات أمراً، أقسم الله تعالى بهذه الآية: إِنَّما تُوعَدُونَ يعني: الذي توعدون من قيام الساعة لَصادِقٌ يعني: لكائن ويقال: في الآية مضمر، فأقسم الله تعالى برب الذاريات، يعني: ورب الرياح الذاريات، ورب السحاب الحاملات، ورب السفن الجاريات، ورب الملائكة المقسمات، إنما توعدون لصادق. وَإِنَّ الدِّينَ لَواقِعٌ يعني: المجازات على أعمالهم لواقع، ثم بين في آخر الآية ما لكل فريق من الجزاء، فبين جزاء أهل النار أنهم يفتنون، وبين جزاء المتقين أنهم في جنات وعيون.