للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والأذى معرضون، كقوله عز وجل: وَإِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً [الفرقان: ٧٢] .

ثم قال: وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكاةِ فاعِلُونَ، يعني: مؤدون. وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ عن الفواحش وعن ما لا يحل لهم.

ثم استثنى، فقال: إِلَّا عَلى أَزْواجِهِمْ، يعني: على نسائهم الأربع، وذكر عن الفراء أنه قال، عَلى بمعنى من، يعني: إلا من نسائهم مثنى وثلاث ورباع. أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ، يعني: الإماء، فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ، لا يلامون على الحلال. فَمَنِ ابْتَغى وَراءَ ذلِكَ، يعني:

طلب بعد ذلك ما سوى نسائه وإِمائه، فَأُولئِكَ هُمُ العادُونَ، يعني: المعتدين من الحلال إلى الحرام، ويقال: وأُولئك هم الظالمون الجائرون الذين تعمدوا الظلم.

[سورة المؤمنون (٢٣) : الآيات ٨ الى ١١]

وَالَّذِينَ هُمْ لِأَماناتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ راعُونَ (٨) وَالَّذِينَ هُمْ عَلى صَلَواتِهِمْ يُحافِظُونَ (٩) أُولئِكَ هُمُ الْوارِثُونَ (١٠) الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيها خالِدُونَ (١١)

ثم قال: وَالَّذِينَ هُمْ لِأَماناتِهِمْ، يعني: ما ائتمنوا عليه من أمر دينهم، مما لا يطلع عليه أحد ومما يأمن الناس بعضهم بعضاً. وَعَهْدِهِمْ، يعني: وفاء بالعهد راعُونَ يعني:

حافظين. وأصل الرعي في اللغة: القيام على إصلاح ما يتولاه. قرأ ابن كثير والذين هُم لأمانتهم بلفظ الوحدان، وقرأ الباقون بلفظ الجمع، يعني: جميع الأمانات.

ثم قال عز وجل: وَالَّذِينَ هُمْ عَلى صَلَواتِهِمْ، يعني: على المواقيت يُحافِظُونَ، لا تشغلهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله، ويتمونها بركوعها وسجودها. قرأ حمزة والكسائي على صَلاَتِهِمْ بلفظ الوحدان، وقرأ الباقون صَلَواتِهِمْ بلفظ الجماعة، ومعناهما واحد، لأن الصلاة اسم جنس يقع على الواحد وعلى الأكثر، فهذه الخصال صفة المؤمنين المخلصين في أعمالهم.

ثم بين ثوابهم، فقال عز وجل: أُولئِكَ هُمُ الْوارِثُونَ، يعني: النازلين. ثم بيّن ما يرثون وأين ينزلون، فقال: الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ، وهي البساتين بلغة الروم عليها حيطان، ويقال:

لم يكن أحد من أهل الجنة إلا وله نصيب في الفردوس، لأن هناك كلها بساتين وأشجار ويقال: أُولئِكَ هُمُ الْوارِثُونَ، يعني: يرثون المنازل التي للكفار في الجنة- وروى أبو هريرة عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: «مَا مِنْكُمْ مِنْ أحد إلا وله منزلان، منزل في الجنّة، ومنزل في النّار. فأمّا المؤمن فيبني منزله الذي له في الجنة بهدم منزله الذي له في النّار. وأمّا الكافر فيهدم منزله الذي له في الجنّة ويبني منزله الذي له في النّار.» «١» - ويقال: الفردوس البستان الحسن. هُمْ فِيها خالِدُونَ


(١) الحديث مثبت في النسخة «أ» وفي النسخة «ب» : بلفظ: روى أبو هريرة عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم هكذا، ولم يذكر متنه. وعزاه السيوطي: ٦/ ٩٠ إلى سعيد بن منصور وابن ماجة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في البعث.

<<  <  ج: ص:  >  >>