قوله تعالى: وَإِنْ مَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ من العذاب والزلازل والمصائب في الدنيا إذ كذبوك وأنت حي أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ يقول: أو نميتنّك قبل أن نرينك فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ بالرسالة وَعَلَيْنَا الْحِسابُ يعني: الجزاء.
ثم قال: أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها يعني: نفتحها من نواحيها.
وروي عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم أنه قال:«هُوَ ذَهَابُ العُلَمَاءِ» . وقال ابن عباس:«ذهاب فقهائها، وخيار أهلها» . وعن ابن مسعود نحوه. وقال الضحاك: أو لم ير المشركون أنا ننقصها من أطرافها يعني: يأخذ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم ما حولهم من أراضيهم وقراهم وأموالهم، أفهم الغالبون؟ يعني: أو لا يرون أنهم المغلوبون والمنتقصون؟ وعن عكرمة. أنه قال: الأرض لا تنقص، ولكن تنقص الثمار، وينقص الناس. وعن عطاء أنه قال:«هو موت فقهائها وخيارها» . وقال السدي: يعني:
ينقص أهلها من أطرافها، ولم تهلك قرية إلا من أطرافها. يعني: تخرب قبل، ثم يتبعها الخراب. وَاللَّهُ يَحْكُمُ لاَ مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ يقول: لا راد لحكمه، ولا مغير له، ولا مرد لما حكم لمحمد صلّى الله عليه وسلّم بالنصر والغنيمة وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسابِ إذا حاسب فحسابه سريع.
قوله تعالى: وَقَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ يعني: صنع الذين من قبلهم كصنيع أهل مكة بمحمد صلّى الله عليه وسلّم فَلِلَّهِ الْمَكْرُ جَمِيعاً يعني: يجازيهم جزاء مكرهم، وينصر أنبياءه، ويبطل مكر الكافرين. ثم قال: يَعْلَمُ مَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ برّة أو فاجرة وَسَيَعْلَمُ الْكُفَّارُ لِمَنْ عُقْبَى الدَّارِ يعني: الجنة.
قوله تعالى: وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلًا يعني: كعب بن الأشرف وحيي بن أخطب وسائر اليهود. ويقال: يعني، أهل مكة قُلْ كَفى بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ يقول: كفى بالله شاهداً بيني وبينكم على مقالتكم وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ يعني: ومن آمن من أهل الكتاب مثل عبد الله بن سلام، وأصحابه شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ لأنهم وجدوا نعته وصفته في كتبهم.
قرأ ابن كثير وأبو عمرو وعاصم: يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشاءُ وَيُثْبِتُ بجزم الثاء والتخفيف. وقرأ الباقون: بنصب الثاء، وتشديد الباء ومعناهما واحد. وقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو: وسيعلم الكافر بلفظ الجماعة. وروي عن عبد الله بن مسعود أنه كان يقرأ وَمَنْ عِنْدَهُ بالكسر،