، يعني: بعقوبة من لم يؤمن به. قال مقاتل: وَمِنْهُمْ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ من أهل الكتاب وَمِنْهُمْ مَنْ لا يُؤْمِنُ بِهِ من أهل مكة. وقال الكلبي: وَمِنْهُمْ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ من اليهود، يعني: يؤمن به من قبل موته ولا يموت حقّ يقرّ به وَمِنْهُمْ مَنْ لا يُؤْمِنُ بِهِ يعني: بعلم الله تعالى السابق فيه. وقال الزجاج: معناه وَمِنْهُمْ مَنْ يُؤْمِنُ أي: يعلم أنه حق، فيصدق بقلبه ويعاند فيظهر الكفر، وَمِنْهُمْ مَنْ لا يُؤْمِنُ بِهِ أي يشك ولا يصدق.
قوله تعالى: وَإِنْ كَذَّبُوكَ، يعني: المشركين بما أتيتهم به. فَقُلْ لِي عَمَلِي يعني:
ديني. وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ، يعني: دينكم. أَنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وأدين وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ وتدينون به غير الله وهذا قبل أن يؤمر بالقتال، ولما نزلت آية القتال نسخت هذه الآية.
ثم قال تعالى: وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ، قال الكلبي: نزلت في شأن اليهود، قدموا مكة وكانوا يسمعون قراءة القرآن فيعجبون به ويشتهونه، وتغلب عليهم الشقاوة ولا يسلمون، قال الله تعالى: أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ، يعني: تفقه الكافر الذي لا يعقل الموعظة؟ وقال الضحاك: وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ وذلك أن كفار قريش دخلوا المسجد الحرام والنبي صلّى الله عليه وسلّم قائم عند المقام يصلي، وهو يقرأ سورة طه، قال الوليد بن المغيرة: يا معشر قريش، إنما يتلو محمد ليأخذ بقلوبكم. فقال أبو جهل وأصحابه: لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه، فنزل أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ وذلك أنهم صموا عن الحق، ويقال: أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ يعني: من يتصامم ولا يستمع إليك. وَلَوْ كانُوا لاَ يَعْقِلُونَ، يقول: فإن كانوا مع ذلك لا يرغبون في الحق. وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْظُرُ إِلَيْكَ، يعني: بغير رغبة. أَفَأَنْتَ تَهْدِي الْعُمْيَ، يقول: أفأنت ترشد من يتعامى؟ وَلَوْ كانُوا لاَ يُبْصِرُونَ الحق ولا يرغبون فيه. قال القتبي: هذا من جوامع الكلم، حيث بَينَّ فضل السمع والبصر، حيث جعل مع الصم فقدان العقل، ولم يجعل مع العمى إلا فقدان البصر.
ثم قال تعالى: إِنَّ اللَّهَ لاَ يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئاً، يقول: لا ينقص من أجور الناس شيئاً ولا يحمل عليهم من أوزار غيرهم، وَلكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ، يعني: يضرون أنفسهم بتركهم الحق. قرأ حمزة والكسائي وَلكِنَّ النَّاسَ بكسر النون مع التخفيف وضمّ السين، وقرأ الباقون وَلكِنَّ النَّاسَ بالنصب.
قوله تعالى: وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ، يقول: يجمعهم في الآخرة. كَأَنْ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا ساعَةً مِنَ النَّهارِ قال الكلبي: كأن لم يلبثوا في قبورهم إلاّ ساعة من النهار. وقال الضحاك: كأن لم