[النساء: ٥٦] فيندمون على فعلهم ويوبخون أنفسهم يَقُولُونَ يا لَيْتَنا أَطَعْنَا اللَّهَ فيما أمرنا ونهانا في دار الدنيا وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا فيما دعانا إلى الحق وَقالُوا رَبَّنا إِنَّا أَطَعْنا سادَتَنا وَكُبَراءَنا يعني: قادتنا وأشرافنا وعظماءنا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا يعني: صرفونا عن طريق الإسلام. ويقال: أضللت الطريق وأضللته عن الطريق بمعنى واحد. قرأ ابن عامر: ساداتنا.
وقرأ الباقون: سادتنا جمع سيد وساداتنا جمع الجمع.
ثم قال عز وجل: رَبَّنا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذابِ يعني: زدهم واحمل عليهم. يعني:
عذبهم وارفع عنا بعض العذاب، واحمل عليهم فإنهم هم الذين أضلونا وَالْعَنْهُمْ لَعْناً كَبِيراً قرأ عاصم وابن عامر في إحدى الروايتين كَبِيراً بالباء من الكبر والعظم يعني: عذبهم عذاباً عظيماً. وقرأ الباقون: كَثِيراً من الكثرة، يعني: عذبهم عذاباً كثيراً دائماً.
قوله عز وجل: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسى - عليه السلام- يعني: لا تؤذوا رسول الله صلّى الله عليه وسلم كما آذى بنو إسرائيل موسى- عليه السلام- قال الفقيه أبو الليث رحمه الله: أخبرني الثقة، بإسناده عن همام بن منبه، عن أبي هريرة، عن النبي صلّى الله عليه وسلم أنه قال:
«كَانَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ يَغْتَسِلُونَ عُرَاةً، يَنْظُرُ بَعْضُهُمْ إلى سَوْأَةِ بَعْضٍ، وكان موسى- عليه السلام- يَغْتَسِلُ وَحْدَهُ. فَقَالَ بَعْضُهُمْ: والله مَا يَمْنَعُ مُوسَى أَنْ يَغْتَسِلَ مَعَنَا إلاّ أنَّهُ آدَرُ «١» . فَذَهَبَ مُوسَى مَرَّةً يَغْتَسِلُ. فَوَضَعَ ثَوْبَهُ عَلَى حَجَرٍ. فَفَرَّ الحَجَرُ بِثَوْبِهِ. فَخَرَجَ مُوسَى بِأَثَرِهِ يَقُولُ: حَجَرْ ثَوْبِي، حَجَرْ ثَوْبِي حَتَّى نَظَرَتْ بَنُو إسْرَائِيلَ إلَى سَوْأَةِ مُوسَى. فَقَالُوا: وَالله ما بِمُوسَى مِنْ بَأْسٍ. فَقَامَ الحَجَرُ وَأَخَذَ ثَوْبَهُ، فَطَفِقَ بِالحَجَرِ ضَرْباً» . فقال أبو هريرة: ستة أو سبعاً. والله إن بالحجر لندبا
(١) الآدر: من أصابه فتق في إحدى خصية من خصييه. أو من كانت خصيته عظيمة بلا فتق.