للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهم المنافقون وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ وهم المخلصون. ويقال: هذا الخطاب لجميع الخلق، ومعناه: هو الذي خلقكم، فمنكم كافر بالله وهم المشركون، ومنكم مؤمن وهم المؤمنون، يعني: استويتم في خلق الله إياكم، واختلفتم في أحوالكم، فمنكم من آمن بالله، ومنكم من كفر. ثم قال: وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ يعني: عليماً بما تعملون من الخير والشر.

ثم قال عز وجل: خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ يعني: بالحق والحجة والثواب والعقاب. وَصَوَّرَكُمْ يعني: خلقكم، فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ يعني: خلقكم على أجمل صورة. وهذا كقوله: لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (٤) [التين: ٤] وكقوله: وَلَقَدْ كَرَّمْنا بَنِي آدَمَ. [الإسراء: ٧٠] ثم قال: وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ يعني: إليه المرجع في الآخرة، فهذا التهديد يعني: كونوا على الحذر. لأن مرجعكم إليه. ثم قال: يَعْلَمُ مَا فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يعني: من كل موجود. وَيَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَما تُعْلِنُونَ يعني: ما تخفون وما تضمرون في قلوبكم، وما تظهرون وتعلنون بألسنتكم. وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ يعني: عليماً بسرائركم.

ثم قال الله عزّ وجلّ: أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ. اللفظ لفظ الاستفهام، والمراد به التوبيخ والتقريع، يعني: قد أتاكم خبر الذين كفروا من قبلكم. فَذاقُوا وَبالَ أَمْرِهِمْ يعني: أصابتهم عقوبة ذنبهم في الدنيا. ثم أخبر: أن ما أصابهم في الدنيا، لم يكن كفارة لذنوبهم، فقال: وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ في الآخرة ثم بين السبب الذي أصابهم به العذاب، فقال: ذلِكَ العذاب. بِأَنَّهُ كانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ يعني: بالأمر والنهي، ويقال:

بِالْبَيِّناتِ يعني: بالدلائل والحجج. فَقالُوا أَبَشَرٌ يَهْدُونَنا يعني: آدمياً مثلنا يرشدنا ويأتينا بدين غير دين آبائنا؟ فَكَفَرُوا يعني: جحدوا بالرسل والكتاب، وَتَوَلَّوْا يعني: أعرضوا عن الإيمان. وَاسْتَغْنَى اللَّهُ تعالى عن إيمانهم. وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَمِيدٌ عن إيمان العباد حَمِيدٌ في فعاله، يقبل اليسير ويعطي الجزيل.

[سورة التغابن (٦٤) : الآيات ٧ الى ٩]

زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِما عَمِلْتُمْ وَذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (٧) فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنا وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (٨) يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ ذلِكَ يَوْمُ التَّغابُنِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صالِحاً يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئاتِهِ وَيُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (٩)

ثم قال عز وجل: زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا يعني: مشركي العرب، زعموا أن لن يبعثوا بعد الموت. قُلْ يا محمد بَلى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ. فهذا قسم أقسم أنهم يبعثون بعد

<<  <  ج: ص:  >  >>