منكم لهم، ولا ذنب لكم. وذلك أن بعض المؤمنين كانوا مختلطين بالمشركين، غير متميزين، ولا معروفي الأماكن.
ثم قال: وَلَوْلا رِجالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِساءٌ مُؤْمِناتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَؤُهُمْ لو دخلتموها أن تقتلوهم لِيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ لو فعلتم فيصيبكم من قتلهم معرة. يعني:
يعيركم المشركون بذلك، ويقولون: قتلوا أهل دينهم كما قتلونا، فتلزمكم الديات.
ثم قال: لَوْ تَزَيَّلُوا أي: تميزوا من المشركين لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا يعني: لو تميزوا بالسيف. وقال القتبي: صار قوله: لَعَذَّبْنَا جواباً لكلامين أحدهما، لولا رجال مؤمنون، والآخر لَوْ تَزَيَّلُوا يعني: لو تفرقوا، واعتزلوا. يعني: المؤمنين من الكافرين لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذاباً أَلِيماً يعني: شديداً وهو القتل.
قوله تعالى: إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا يعني: أهل مكة فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجاهِلِيَّةِ وذلك أنهم قالوا: قتل آباءنا، وإخواننا. ثم أتانا يدخل علينا في منازلنا. والله لا يدخل علينا، فهذه الحمية التي في قلوبهم. فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ يعني: طمأنينته عَلى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ فأذهب عنهم الحمية، حتى اطمأنوا، وسكتوا. وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوى يعني: ألهمهم كلمة لا إله إلا الله حتى قالوا: وَكانُوا أَحَقَّ بِها يعني: كانوا في علم الله تعالى أحق بهذه الكلمة من كفار مكة وَأَهْلَها يعني: وكانوا أهل هذه الكلمة عند الله تعالى وَكانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً يعني: عليماً بمن كان أهلاً لذلك وغيره.