للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منكم لهم، ولا ذنب لكم. وذلك أن بعض المؤمنين كانوا مختلطين بالمشركين، غير متميزين، ولا معروفي الأماكن.

ثم قال: وَلَوْلا رِجالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِساءٌ مُؤْمِناتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَؤُهُمْ لو دخلتموها أن تقتلوهم لِيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ لو فعلتم فيصيبكم من قتلهم معرة. يعني:

يعيركم المشركون بذلك، ويقولون: قتلوا أهل دينهم كما قتلونا، فتلزمكم الديات.

ثم قال: لَوْ تَزَيَّلُوا أي: تميزوا من المشركين لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا يعني: لو تميزوا بالسيف. وقال القتبي: صار قوله: لَعَذَّبْنَا جواباً لكلامين أحدهما، لولا رجال مؤمنون، والآخر لَوْ تَزَيَّلُوا يعني: لو تفرقوا، واعتزلوا. يعني: المؤمنين من الكافرين لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذاباً أَلِيماً يعني: شديداً وهو القتل.

قوله تعالى: إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا يعني: أهل مكة فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجاهِلِيَّةِ وذلك أنهم قالوا: قتل آباءنا، وإخواننا. ثم أتانا يدخل علينا في منازلنا. والله لا يدخل علينا، فهذه الحمية التي في قلوبهم. فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ يعني: طمأنينته عَلى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ فأذهب عنهم الحمية، حتى اطمأنوا، وسكتوا. وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوى يعني: ألهمهم كلمة لا إله إلا الله حتى قالوا: وَكانُوا أَحَقَّ بِها يعني: كانوا في علم الله تعالى أحق بهذه الكلمة من كفار مكة وَأَهْلَها يعني: وكانوا أهل هذه الكلمة عند الله تعالى وَكانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً يعني: عليماً بمن كان أهلاً لذلك وغيره.

[سورة الفتح (٤٨) : الآيات ٢٧ الى ٢٩]

لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ إِنْ شاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لا تَخافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذلِكَ فَتْحاً قَرِيباً (٢٧) هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفى بِاللَّهِ شَهِيداً (٢٨) مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ تَراهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْواناً سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْراةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوى عَلى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً (٢٩)

<<  <  ج: ص:  >  >>