ثم قال: وَأُخْرى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْها يعني: وعدكم الله غنيمة أخرى لم تقدروا عليها.
يعني: لم تملكوها بعد، وهو فتح مكة. ويقال: هو فتح قرى فارس، والروم. قَدْ أَحاطَ اللَّهُ بِها يعني: علم الله أنكم ستفتحونها، وستغنمونها، فجمعها، وأحرزها لكم. وَكانَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً من الفتح وغيره وَلَوْ قاتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا يعني: كفار مكة يوم الحديبية.
ويقال: أسد وغطفان يوم خيبر. لَوَلَّوُا الْأَدْبارَ منهزمين ثُمَّ لاَ يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً يعني: قريبا ينفعهم، ولا مانعاً يمنعهم من الهزيمة.
قوله عز وجل: سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ يعني: هكذا سنة الله بالغلبة، والنصرة لأوليائه، والقهر لأعدائه. وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا يعني: تغييراً، وتحويلاً.
أيديكم عن أهل مكة من بعد أن أَظْفَركم عليهم. وذلك أن جماعة من أهل مكة، خرجوا يوم الحديبية يرمون المسلمين، فرماهم المسلمون بالحجارة حتى أدخلوهم بيوت مكة. وروى حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس قال: طلع قوم وهم ثمانون رجلاً على رسول الله صلّى الله عليه وسلم من قبل التنعيم عند صلاة الصبح ليأخذوه، فأخذهم رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وخلى سبيلهم. فأنزل الله تعالى: وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ يعني: بوسط مكة مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ يعني: سلطكم عليهم وَكانَ اللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيراً بحرب بعضكم بعضاً.
قوله تعالى: هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا يعني: جحدوا بوحدانية الله تعالى وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ أَن تطوفوا به وَالْهَدْيَ مَعْكُوفاً يعني: محبوساً. يقال: عكفته عن كذا إذا حبسته. ومنه العاكف في المسجد لأنه حبس نفسه. يعني: صيروا الهدي محبوساً عن دخول مكة، وهي سبعون بدنة. ويقال: مائة بدنة. أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ يعني: منحره، ومنحرة منى للحاج، وعند الصفا للمعتمر.
ثم قال: وَلَوْلا رِجالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِساءٌ مُؤْمِناتٌ بمكة لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أنهم مؤمنون.
يعني: لم تعرفوا المؤمنين من المشركين أَنْ تَطَؤُهُمْ يعني: تحت أقدامكم. ويقال: