قوله تبارك وتعالى: حم وَالْكِتابِ الْمُبِينِ يعني: أقسم بحم، وبالكتاب الذي أبان طريق الهدى، من طريق الضلالة، وأبان كل ما تحتاج إليه الأمة، ويقال: مُبين أي: بين بلغة تعرفونها. يعني: بين فيه الحلال والحرام إِنَّا جَعَلْناهُ فهذا جواب القسم. يعني: إنا جعلناه، ووصفناه أقسم بالكتاب المبين إِنَّا جَعَلْناهُ يعني: إنا قلناه ووصفناه وبيناه. ويقال: أنزلنا به جبريل قُرْآناً عَرَبِيًّا يعني: بلغة العرب لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ يعني: لكي تعقلوا وتفهموا. ما فيه، ولو نزل بغير لغة العرب، لم تفهموا ما فيه.
ثم قال: وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتابِ لَدَيْنا يعني: إن كذبتم بالقرآن، فإن نسخته في أصل الكتاب. يعني: اللوح المحفوظ لدينا. يعني: عندنا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ يعني: شريف مرتفع، محكم من الباطل. ويقال: حكيم أحكم، حلاله وحرامه. ويقال: حَكِيمٌ أي: حاكم على الكتب كلها. ويقال: حكيم أي: ذو حكمة كما قال تعالى: حِكْمَةٌ بالِغَةٌ قرأ حمزة والكسائي «في أم الكتاب» بكسر الألف في جميع القرآن، لأن الياء أخت الكسرة، فاتبع الكسرة الكسرة والباقون «أم» بضم الألف، وهو الأصل في اللغة.