قوله تعالى: فَإِنْ كَذَّبُوكَ بما تقول لهم فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فالله تعالى يعزي نبيه ليصبر على تكذيبهم، فقد جاؤُ بِالْبَيِّناتِ يعني الرسل جاءوا بالبينات، أي من قبلك، وقد جاءوا بالآيات والعلامات وَالزُّبُرِ قال الكلبي: يعني بأحاديث الأنبياء من قبلهم بالنبوة على ما يكون وَالْكِتابِ الْمُنِيرِ يعني: الحلال والحرام. وقال الزجاج: الزبر جماعة الزبور وهو الكتاب يقال: زَبَرْتُ أي كتبت، ويقال: زَبَرْتُ أي قرأت، والكتاب المنير يعني المعنيّ بالحلال والحرام. قرأ أبو عمرو بالزبر مع الباء، وقرأ الباقون والزبر بالواو.
ثم قال تعالى: كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ قال الكلبي: لما نزل قوله تعالى: كُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ [الرحمن: ٢٦] قالت الملائكة هلك أهل الأرض، فلما نزل: كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ أيقنت الملائكة أنها هلكت معهم. ثم قال وَإِنَّما تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ أي توفون ثواب أعمالكم يَوْمَ الْقِيامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ يقول بَعُد وَنُحِّي عنها وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فازَ يعني: نجا وسعد في الجنة. حدثنا محمد بن الفضل قال: حدثنا محمد بن جعفر، قال: حدثنا إبراهيم بن يوسف، قال: حدثنا المسيب عن الأعمش، عن زيد بن وهب، عن عبد الرحمن بن عبد رب الكعبة، عن عبد الله بن عمرو أن النبيّ صلّى الله عليه وسلم قال:«مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُزَحْزَحَ عَنِ النَّارِ وَيَدْخُلَ الجَنَّةَ فَلْيَأت إِلَى النَّاسِ مَا يُحِبُّ أَنْ يُؤْتَى إِلَيْه» . وقوله: وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا مَتاعُ الْغُرُورِ قال ابن عباس: متاع الغرور مثل القدر والقارورة والسكرجة ونحو ذلك، لأن ذلك لا يدوم، وكذلك الدنيا تزول وتفنى ولا تبقى. ويقال: هو مثل الزجاج الذي يسرع إليه الكسر، ولا يصلحه الجبر. ويقال: كزاد المسافر، يسرع إليه الفناء فكذلك الدنيا.