فقال عز وجل: فَذَكِّرْ يعني: فعظ بالقرآن فَما أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ يعني: برحمة ربك. ويقال: هو كقوله: ما أنت بحمد الله مجنون. وقال أبو سهل: متعظ بالقرآن، ولست أنت والحمد الله بِكاهِنٍ وَلا مَجْنُونٍ ويقال: فذكر. يعني: ذكرهم بما أعتدنا للمؤمنين المتقين، وبما أعتدنا للضالين الكافرين فَما أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِكاهِنٍ وَلا مَجْنُونٍ يعني: لست تقول بقول الكهنة، ولا تنطق إلا بالوحي.
ثم قال: أَمْ يَقُولُونَ شاعِرٌ يعني: أيقولون هو شاعر يأتي من قبل نفسه، وهو قول الوليد بن المغيرة، وأبي جهل، وأصحابهما. نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ يعني: أوجاع الموت، وحوادثه. قال قتادة: رَيْبَ الْمَنُونِ الموت. وقال مجاهد: رَيْبَ الْمَنُونِ حوادث الدهر.
وقال القتبي: حوادث الدهر، وأوجاعه، ومصائبه. ويقال: إنهم كانوا يقولون: قد مات أبوه شاباً، وهم ينتظرون موته قُلْ تَرَبَّصُوا يعني: انتظروا هلاكي فَإِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُتَرَبِّصِينَ وذكر في التفسير، أن الذين قالوا هكذا ماتوا كلهم قبل رسول الله صلّى الله عليه وسلم.
قوله تعالى: أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلامُهُمْ بِهذا يعني: أتأمرهم عقولهم، وتدلهم على التكذيب، والإيذاء بمحمد صلّى الله عليه وسلم. أَمْ هُمْ قَوْمٌ طاغُونَ يعني: بل هم قوم عاتون في معصية الله تعالى. أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ يعني: أيقولون أن محمداً صلّى الله عليه وسلم يقول من ذات نفسه. واللفظ لفظ الاستفهام، والمراد به الزجر والوعيد.
ثم قال: بَلْ لاَّ يُؤْمِنُونَ يعني: لا يصدقون بالرَّسول، والكتاب، عناداً وحسداً منهم.
قوله عز وجل: فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ يعني: إن قلتم إن محمداً صلّى الله عليه وسلم يقول: من ذات نفسه، فأتوا بمثل هذا القرآن كما جاء به إِنْ كانُوا صادِقِينَ في قولهم.