المفسرين: قد علم الله تعالى أن من النساء من تكون حمقاء، فتحرك رجلها ليعلم أن لها خلخالاً، فنهي النساء أن يفعلن، كما تفعل الحمقاء.
ثم قال: وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً، يعني: من جميع ما وقع التقصير من الأوامر والنواهي التي ذكر من أول السورة إلى هاهنا، أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ، يعني: أيها المصدقون بالله ورسوله.
وفي هذه الآية دليل: أن الذنب لا يخرج العبد من الإيمان، لأنه أمر بالتوبة، والتوبة لا تكون إلا من الذنب، ولم يفصل بين الكبائر وغيرها، فقال بعد ما أمر بالتوبة أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ، سماهم مؤمنين بعد الذنب. ثم قال: لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ، أي تنجون من العذاب. قرأ ابن عامر أَيُّهَ بضم الهاء، وكذلك في قوله: يا أيّه السّاحر، وأيّه الثقلان، وقرأ الباقون بالنصب.
قوله عز وجل: وَأَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ، والأيَامَى: الرجال والنساء الذين لا أزواج لهم يقال: رجل أيم وامرأة أيم، كما يقال: رجل بكر وامرأة بكر، ويقال: الأيم من النساء خاصة كل امرأة لا زوج لها، فهي أيم. فأمر الأولياء بأن يزوجوا النساء، وأمر الموالي بأن يزوجوا العبيد والإماء إذا احتاجوا إلى ذلك، فقال للأولياء: وَأَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ، يعني: من قومكم ومن عشيرتكم. ثم قال للموالي: وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبادِكُمْ، يعني: من عبيدكم زوجوهم امرأة، وهذا أمر استحباب وليس بحتم، وَإِمائِكُمْ يعني: زوجوا إماءكم لكيلا يقعن في الزنى. إِنْ يَكُونُوا فُقَراءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ، يعني: يرزقهم الله من فضله وسعته.
وقال بعضهم: هذا منصرف إلى الحرائر خاصة دون العبيد والإماء، وقال بعضهم: انصرف إلى جميع ما سبق ذكرهم من الأحرار والمماليك يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ يعني: من رزقه، والغنى على وجهين: غني بالمال وهو أضعف الحالين، وغنى بالقناعة وهو أقوى الحالين. كما روي في الخبر:«الغنى غنى النفس» . وروى هشام بن عروة، عن أبيه، عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم أنه قال:«أنْكِحُوا النِّسَاءَ فَإِنَّهُنَّ يَأْتِينَكُمْ بِالْمَالِ» . وقال عمر رضي الله عنه:«ابتغوا الغنى في النكاح» . ثم قرأ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ. وروي عن جعفر بن محمد أن رجلاً شكا إليه الفقر، فأمره أن يتزوج، فتزوج الرجل، ثم جاء فشكا إليه الفقر، «فأمره بأن يطلقها، فسأل عن ذلك، فقال: قلت لعله من