العذاب لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ مَشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ، يعني: مِنْ عَذَابِ يَوْمِ القيامة، بأن عيسى لم يكن الله ولا ولده ولا شريكه، ويقال: ويل صخرة في جهنم.
قال عز وجل: أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يعني: أعلمهم وأسمعهم. وأبصرهم يَوْمَ يَأْتُونَنا يعني: يوم القيامة بأن عيسى لم يكن الله، ولا ولده، ولا شريكه، لكِنِ الظَّالِمُونَ يعني:
المشركون. الْيَوْمَ، يعني: في الدنيا فِي ضَلالٍ مُبِينٍ، يعني: في خطإ بين لا يسمعون الهدى ولا يبصرون ولا يرغبون فيه. وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ، يقول: خوفهم يا محمد بهول يوم القيامة، إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ يعني: فرغ من الأمر، إذا دَخَلَ أَهْلُ الجَنَّةِ الجَنَّةَ، وَدَخَلَ أهْلُ النَّارِ النار، وهو يوم الندامة. وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ، يعني: هم في الدنيا في غفلة عن تلك الندامة والحسرة. وَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ، يعني: لا يصدقون بالبعث.
قال: حدثنا محمد بن الفضل قال: حدثنا محمد بن جعفر قال: حدثنا إبراهيم بن يوسف قال: حدثنا إسماعيل بن جعفر المدني، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن الزهري، عن أبي هريرة أن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: «يَؤْتَى بِالمَوْتِ فَيُوقَفُ عَلَى الصِّرَاطِ، فَيُقَالُ: يَا أَهْلَ الجَنَّةِ، فَيطلعُونَ. وَيُقَالُ: يا أهْلَ النَّارِ، فيطلعونَ. فيقالُ: هَلْ تَعْرِفُونَ هذا؟ فَيَقُولُونَ: نَعَم يَا رَبَّنَا، هَذا المَوْتُ. قال: فَيُؤْمَرُ بِهِ فَيُذْبَحُ على الصَّرَاطِ، ثم يقالُ: للفريقينِ. خُلُودٌ لا مَوْتَ فِيهَا أبداً» .
وروى الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي سعيد الخدري، عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم نحوه، فذلك قوله:
وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ الآية.
[سورة مريم (١٩) : الآيات ٤٠ الى ٤٧]
إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْها وَإِلَيْنا يُرْجَعُونَ (٤٠) وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِبْراهِيمَ إِنَّهُ كانَ صِدِّيقاً نَبِيًّا (٤١) إِذْ قالَ لِأَبِيهِ يا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لاَ يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ وَلا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئاً (٤٢) يا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ ما لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِراطاً سَوِيًّا (٤٣) يا أَبَتِ لا تَعْبُدِ الشَّيْطانَ إِنَّ الشَّيْطانَ كانَ لِلرَّحْمنِ عَصِيًّا (٤٤)
يا أَبَتِ إِنِّي أَخافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذابٌ مِنَ الرَّحْمنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطانِ وَلِيًّا (٤٥) قالَ أَراغِبٌ أَنْتَ عَنْ آلِهَتِي يا إِبْراهِيمُ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا (٤٦) قالَ سَلامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كانَ بِي حَفِيًّا (٤٧)
ثم قال: إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْها، يعني: نميت أهل الأرض كلهم ومن عليها، وَإِلَيْنا يُرْجَعُونَ في الآخرة.
قوله تعالى: وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِبْراهِيمَ، يعني: خبر إبراهيم. إِنَّهُ كانَ صِدِّيقاً نَبِيًّا، يعني: صادقاً. وقال الزجاج: الصديق اسم للمبالغة في الصدق، يقال: كل من صدق بتوحيد الله عز وجل وأنبيائه عليهم السلام وفرائضه وعمل بما صدق فيه فهو صديق، ومن ذلك سمي أبو بكر الصديق. إِذْ قالَ لِأَبِيهِ
، وهو آزر بن تارخ بن تاخور وكان يعبد الأصنام: يا أَبَتِ