أهل النار، فلا يذكرونهم يعني: معجبين بما هم فيه من النعم والكرامة. قال الفقيه أبو الليث رحمه الله: حدثنا محمد بن الفضل بإسناده عن عكرمة في قوله: فِي شُغُلٍ فاكِهُونَ قال في افتضاض الأبكار. وروى زيد بن أرقم عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال:«إنَّ الرَّجُلَ لَيُعْطَى قُوَّةَ مِائَةِ رَجُلٍ فِي الأَكْلِ، وَالشُّرْبِ، وَالجمَاعِ» ، فقال رجل من أهل الكتاب: إن الذي يأكل ويشرب تكون له الحاجة. فقال الرسول:«يَفِيضُ مِنْ جَسَدِ أحَدِهِمْ عَرَقٌ مِثْلُ المِسْكِ الأذْفَرِ فَيَضْمُرُ بذلكَ بَطْنُهُ» .
ثم قال تعالى: هُمْ وَأَزْواجُهُمْ فِي ظِلالٍ قرأ حمزة والكسائي فِي ظُلَلٍ وقرأ الباقون فِي ظِلالٍ فمن قرأ فِي ظُلَلٍ فهو جمع الظلة. يقال: ظلة وظلل مثل حلة وحلل. ومن قرأ بكسر الظاء فهو جمع الظل يعني: هم في ظلال العرش والشجر ويقال معنى القراءتين يرجع إلى شيء واحد. يعني: إن أهل الجنة هُمْ وَأَزْواجُهُمْ الحور العين في القصور عَلَى الْأَرائِكِ مُتَّكِؤُنَ يعني: على السرر عليها الحجال. وروى مجاهد عن ابن عباس قال:
الأرائك سرر في الحجال. وقال الكلبي: لا تكون أريكة إلا إذا اجتمعتا، فإذا تفرقا فليست بأريكة مُتَّكِؤُنَ أي: ناعمون. وإنما سمي هذا لأن الناعم يكون متكئاً.
ثم قال: لَهُمْ فِيها فاكِهَةٌ يعني: لهم في الجنة من أنواع الفاكهة وَلَهُمْ مَّا يَدَّعُونَ يعني: ما يتمنون مما يشتهوا من الخير، سَلامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ يعني: يرسل إليهم ربهم بالتحية والسلام. والعرب تقول: ادّعي ما شئت، يَدَّعُونَ يتمنّون. فقوله عز وجل: سَلامٌ قَوْلًا يعني: يقال لهم سلام كأنهم يتلقونه بالسلام مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ ويقال: وَلَهُمْ مَّا يَدَّعُونَ سَلامٌ يعني: لهم ما يشاءون خالصاً.