للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

استقام، قال: يا أيها الملك إنِّي قد بلغني أنك سجنت رجلين منذ زمان يدعوانك إلى إله غير إلهك، فهل لك أن تدعوهما، فأسمع كلاهما وأخاصمهما عنك؟ فقال الملك: نعم.

فدعاهما، وأقيما بين يديه، فقال لهما شمعون، أخبراني عن إلهكما؟ فقالا: إنه يبرئ الأكمه والأبرص، فدعي برجل ولد أعمى فدعوا الله تعالى، فأبصر الأعمى. قال شمعون: فأنا أفعل مثل ذلك. فأتي بآخر، فدعى شمعون- رضي الله عنه- فبرئ، فقال لهما شمعون، لا فضل لكما عليّ بهذا. ثم أتي برجل أبرص، فدعوا، فبرئ، وفعل شمعون بآخر مثل ذلك. فقال لهما شمعون: فهل عندكما شيء غير هذا؟ فقالا: نعم إن ربنا يحيي الموتى. فقال شمعون: أنا لا أقدر على ذلك. ثم قال للملك: هل لك أن تأتي بالصنم فلعله يحيي الموتى، فيكون لك الفضل عليهما ولإلهك؟ فقال الملك: إنك تعلم أنه لا يسمع، ولا يبصر، فكيف يحيي الموتى؟ ثم قال له شمعون سلهما هل يستطيعان أن يفعلا مثل ما قالا؟ فقال الملك: إن عندنا ميتاً قد مات منذ سبعة أيام، وكان لأبيه ضيعة قد خرج إليها وأهله ينتظرون قدومه، واستأذنوا في دفنه، فأمرهم أن يؤخروه حتى يحضر أبوه، فَأمَرَهم بإحضار ذلك الميت، فلم يزالا يدعوان الله تعالى، وشمعون يعينهما بالدعاء في نفسه، حتى أحياه الله تعالى. فقال شمعون: أنا أشهد أنهما صادقان وأن إلههما حق، فاجتمع أهل المصر، وقالوا: إن كلمتهم كانت واحدة، فرجموهم بالحجارة، وجاء أب الغلام، فأسلم، وقتل أب الغلام أيضاً، وهو حبيب بن إسرائيل النجار. ثم إن الله عز وجل بعث جبريل- عليه السلام- فصاح صيحة فماتوا كلهم، فذلك قوله تعالى: إِذْ أَرْسَلْنا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُما فَعَزَّزْنا بِثالِثٍ فَقالُوا يعني: هؤلاء الثلاثة إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ وأروهم العلامة.

[سورة يس (٣٦) : الآيات ١٥ الى ١٩]

قالُوا مَا أَنْتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِثْلُنا وَما أَنْزَلَ الرَّحْمنُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلاَّ تَكْذِبُونَ (١٥) قالُوا رَبُّنا يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ (١٦) وَما عَلَيْنا إِلاَّ الْبَلاغُ الْمُبِينُ (١٧) قالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنا بِكُمْ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُمْ مِنَّا عَذابٌ أَلِيمٌ (١٨) قالُوا طائِرُكُمْ مَعَكُمْ أَإِنْ ذُكِّرْتُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ (١٩)

قوله عز وجل: قالُوا مَا أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنا يعني: آدمي مثلنا وَما أَنْزَلَ الرَّحْمنُ مِنْ شَيْءٍ يعني: لم يرسل الرسل من الآدميين إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَكْذِبُونَ بأنكم رسل الله تعالى.

يعني: أرسلكم عيسى بأمر الله تعالى، فأنكروا ذلك قالُوا رَبُّنا يَعْلَمُ يعني: أن الرسل قالوا:

رَبُّنا يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ يعني: أرسلنا عيسى- عليه السلام- بأمر الله تعالى وَما عَلَيْنا إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ قالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنا بِكُمْ يعني: قال أهل أنطاكية: إنا تشاءمنا بكم، وهذا الذي

<<  <  ج: ص:  >  >>