المسلمين أن يطيعوه، فإن الله تعالى أمرنا بأداء الأمانة والعدل، ثم أمرنا بطاعتهم. وقال مجاهد: وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ العلماء والفقهاء، وهكذا روي عن جابر. وقوله تعالى:
أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وذلك أنَّ منافقاً يقال له بشر، كان بينه وبين يهودي خصومة، فقال اليهودي: انطلق بنا إلى محمد صلى الله عليه وسلم وكانت تلك الخصومة في حكم الإسلام على المنافق، وفي حكم اليهود على اليهودي. فقال اليهودي: نأتي محمدا صلى الله عليه وسلم يحكم بيننا. وقال المنافق: بل نأتي كعب بن الأشرف حتى يحكم بيننا. فكانا في ذلك إذ سمع عمر بن الخطاب قولهما، فقال: ما شأنكما؟ فأخبراه بالقصة. فقال عمر: أنا أحكم بينكما.
فأجلسهما، ثم دخل البيت وخرج بالسيف، وقتل المنافق، فنزلت هذه الآية أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ يعني بالقرآن وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يعني سائر الكتب المنزلة يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وهو كعب بن الأشرف وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ يعني أمروا بتكذيبه. وقال الضحاك: نزلت الآية في شأن المنافقين، لأنهم آمنوا بلسانهم ولم يؤمنوا بقلوبهم، وركنوا إلى قول اليهود ومالوا إلى خلاف النبيّ صلّى الله عليه وسلم، فذلك قوله:
يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا يعني: إلى كهنة اليهود وسحرتهم.
ثم قال: وَيُرِيدُ الشَّيْطانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ عَنِ الهدى وَعَن الحق ضَلالًا بَعِيداً ثم قال: وَإِذا قِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا إِلى ما أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ يعني: إلى ما أمر الله في كتابه، وإلى ما أمر الرسول، وإلى ما أنزل إلى الرسول رَأَيْتَ الْمُنافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً أي يعرضون عنك إعراضاً. ويقال: صدّ يصد يكون لازماً ويكون متعدياً، وإنما يتبين ذلك بالمصدر. ويقال:
صدّ يصدّ صدّاً إذا صرف غيره. كقوله تعالى فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وصدّ يصدّ صدوداً، إذا