وقدر آجالك وأرزاقك وأعمالك وهداك إلى المعرفة والإسلام والأكل والشرب فصلّ بابن آدم وسبح لهذا المنعم المكرم السيد الذي هو الأحد الصمد، هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْباطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ [الحديد: ٣] ثم قال عز وجل: وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعى يعني: أنبت الكلأ ويقال هو العشب والحشيش وألقت وما أشبه، قرأ الكسائي: وَالَّذِي قَدَّرَ بالتخفيف، والباقون بالتشديد ومعناها واحد يقال: قدره الأمر وقدرته قوله تعالى: فَجَعَلَهُ غُثاءً أَحْوى يعني:
جعل المرعى يابساً بعد خضرته، وقال القتبي: غثاء يعني يابساً، أحوى يعني أسود من قدمه واحتراقه.
ثم قال عز وجل: سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى يعني: سنعلمك القرآن وينزل عليك فلا تنسى إلا ما شاء الله، يعني: قد شاء الله أن لا تنسى القرآن فلم ينس القرآن بعد نزول هذه الآية. وكان النبيّ صلّى الله عليه وسلم يأخذ في قراءته قبل أن يفرغ جبريل- عليه السلام- مخافة أن ينساه ويقال: سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى يعني: سنحفظ عليك حتى لا تنسى شيئاً، ويقال أن جبريل- عليه السلام- كان ينزل عليه في كل زمان ويقرأ عليه رسول الله صلّى الله عليه وسلم ويبين له ما نسخ فذلك قوله: إِلَّا مَا شاءَ اللَّهُ يعني: إلا ما شاء الله أن يرفعه وينسخه ويذهب من قلبك ثم قال تعالى: إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَما يَخْفى يعني: يعلم العلانية والسر، ويقال: ما يجهر به الإمام في الفجر والمغرب والعشاء والجمعة وما يخفى يعني: في الظهر والعصر والسنن، ويقال: يَعْلَمُ ما يظهر من أفعال العباد وأقوالهم وَما يَخْفى من أقوالهم وأفعالهم، ويقال: يَعْلَمُ ما عمل العباد وَما يَخْفى يعني:
ما لم يعملوه وهم عاملوه ثم قال عز وجل: وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرى يعني: سنهوّن عليك حفظ القرآن وتبليغ الرسالة، ويقال: يعني: نعينك على الطاعة، قوله تعالى: فَذَكِّرْ يعني: فعظ بالقرآن الناس إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرى يعني: إن نفعتهم العظة ومعناه ما نفعت العظة بالقرآن إلا لمن يخشى ويقال إن نفعت الذكرى يعني إن قولك ودعوتك تنفع لكل قلب عاقل ويقال: نُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرى يعني:
نهون عليك عمل أهل الجنة ثم قال: سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشى يعني: يتعظ بالقرآن من يخشى الله تعالى ويسلم ويقال: معناه سيتعظ ويؤمن ويعمل صالحاً من يخشى قلبه من عذاب الله تعالى يَتَجَنَّبُهَا
يعني: يتباعد عنها يعني: عن عظتكْ َشْقَى
يعني: الشقي الذي وجب في علم الله تعالى أنه يدخل النار مثل الوليد وأبي جهل ومن كان مثل حالهما الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرى يعني: يدخل يوم القيامة النار الكبرى يعني: النار العظمى لأن نار الدنيا هي النار الصغرى ونار