[سورة الفرقان (٢٥) : الآيات ٥٣ الى ٥٧]
وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هذا عَذْبٌ فُراتٌ وَهذا مِلْحٌ أُجاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُما بَرْزَخاً وَحِجْراً مَحْجُوراً (٥٣) وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْماءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً وَكانَ رَبُّكَ قَدِيراً (٥٤) وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ما لا يَنْفَعُهُمْ وَلا يَضُرُّهُمْ وَكانَ الْكافِرُ عَلى رَبِّهِ ظَهِيراً (٥٥) وَما أَرْسَلْناكَ إِلاَّ مُبَشِّراً وَنَذِيراً (٥٦) قُلْ ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلاَّ مَنْ شاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلاً (٥٧)
قوله عز وجل: وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يعني: أرسل. ويقال: حلى البحرين.
ويقال: فلق البحرين. ويقال: خلق البحرين العذب والمالح هذا عَذْبٌ فُراتٌ يعني: حلو وَهذا مِلْحٌ أُجاجٌ أي: مرّ مالح وَجَعَلَ بَيْنَهُما بَرْزَخاً أي حاجزاً وَحِجْراً مَحْجُوراً أي حرم على العذب أن يملح، وحرم على المالح أن يعذب، وحرم على كل واحد منهما أن يختلط بصاحبه، وأن يغير كل واحد منهما طعم صاحبه.
قوله عز وجل: وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْماءِ بَشَراً أي من النطفة إنساناً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً فالنسب: ما لا يحل لك نكاحه من القرابة، والصهر: ما يحل لك نكاحه من القرابة وغير القرابة، وهذا قول الكلبي.
وقال الضحاك: النسب القرابة، والصهر الرضاع، ويحرم من الصهر مَا يَحْرُمُ مِنَ النَّسَبِ.
ويقال: النسب الذي يحرم بالقرابة، والصهر الذي يحرم بالنسب، وهو ما ذكر في قوله تعالى:
حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ وَبَناتُكُمْ وَأَخَواتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخالاتُكُمْ وَبَناتُ الْأَخِ وَبَناتُ الْأُخْتِ [النساء: ٢٣] فهذه السبع تحرم بالقرابة، والسبع التي تحرم بالنسب، فهو ما ذكر بعده وهو قوله تعالى: وَأُمَّهاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ [النساء: ٢٣] إِلى آخر الآية. وامرأة الأب ثم قال تعالى:
وَكانَ رَبُّكَ قَدِيراً فيما أحل من النكاح، وفيما حرم. ويقال: قَدِيراً على ما أراد.
قوله عز وجل: وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ يعني: الأصنام مَا لاَ يَنْفَعُهُمْ إن عبدوهم وَلا يَضُرُّهُمْ إن لم يعبدوهم وَكانَ الْكافِرُ عَلى رَبِّهِ ظَهِيراً يعني: عوناً للشياطين على ربه.
قال بعضهم: نزلت في شأن أبي جهل بن هشام، ويقال: في شأن جميع الكفار.
ثم قال: وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا مُبَشِّراً وَنَذِيراً يعني: ما أرسلناك يا محمد إلا مبشراً بالجنة لمن أطاع الله عز وجل، ونذيراً بالنار لمن عصاه، قُلْ ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ يعني: قل لكفار مكة:
ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ يعني: على القرآن والإيمان مِنْ أَجْرٍ يعني: من جُعل إِلَّا مَنْ شاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلًا يعني: إلا من شاء أن يؤخذ، ويتخذ إلى ربه بذلك التوحيد سبيلاً، يعني:
مرجعاً. ويقال: يعمل، فيتخذ عند ربه مرجعاً صالحاً، فيدخل به الجنة. يعني: لا أريد الأجر، ولكن أريد لكم هذا الذي ذكر، وقصدي هذا لا أَنْ آخذ منكم شيئا.
[سورة الفرقان (٢٥) : الآيات ٥٨ الى ٦٠]
وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ وَكَفى بِهِ بِذُنُوبِ عِبادِهِ خَبِيراً (٥٨) الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمنُ فَسْئَلْ بِهِ خَبِيراً (٥٩) وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمنِ قالُوا وَمَا الرَّحْمنُ أَنَسْجُدُ لِما تَأْمُرُنا وَزادَهُمْ نُفُوراً (٦٠)