لِباساً يعني: ستراً يستر جميع الأشياء وَالنَّوْمَ سُباتاً يعني: راحة للخلق ليستريحوا فيه بالنوم وَجَعَلَ النَّهارَ نُشُوراً أي: للنشور ينتشرون فيه لابتغاء الرزق.
ثم قال عز وجل: وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ بُشْراً يعني: تنشر السحاب، والاختلاف في القراءات كما ذكرنا في سورة الأعراف بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ يعني: قدام المطر وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ مَآءً طَهُوراً يعني: مطهراً يطهر به الأشياء، ولا يطهر بشيء لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً يعني:
أرضاً لا نبات فيها، فينبت بالمطر وَنُسْقِيَهُ يعني: نسقي بالمطر مِمَّا خَلَقْنا أَنْعاماً وَأَناسِيَّ كَثِيراً وهو جماعة الإنس يعني: نسقي به الناس والدواب، لفظ البلدة مؤنث، إلا أن معنى البلدة والبلد واحد، فانصرف إلى المعنى، ولو قال: ميتة، لجاز إلا أنه لم يقرأ.
ثم قال عز وجل: وَلَقَدْ صَرَّفْناهُ بَيْنَهُمْ يعني: قسمناه بين الخلق. ويقال: نصرفه من بلد إلى بلد، مرة بهذا البلد، ومرة ببلد آخر. كما روي عن ابن مسعود أنه قال:«ما من عام بأمطر من عام، ولكن الله تعالى يصرفه حيث يشاء» ، فذلك قوله وَلَقَدْ صَرَّفْناهُ بَيْنَهُمْ- وكما روي عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم أنه قال:«ما من سنة بأمطر من الأخرى ولكن إذَا عَمِلَ قَوْمٌ بِالمَعَاصِي، حَوَّلَ الله ذلك إلَى غَيْرِهِمْ، فَإذَا عَصَوْا جَمِيعاً، صَرَفَ الله ذلك إلَى الفَيَافِي وَالبِحَارِ» وقال ابن عباس رضي الله عنه: «ما من عام، بأكثر من عام ولكن يصرفه حيث يشاء» فذلك قوله: ولكن يصرفه حيث يشاء «١» -.
لِيَذَّكَّرُوا يعني: ليتعظوا في صنعه، فيعتبروا في توحيد الله تعالى، فيوحدوه. وقرأ حمزة والكسائي لّيَذْكُرُواْ بالتخفيف، وضم الكاف. وقرأ الباقون بالتشديد والنصب.
ثم قال: فَأَبى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُوراً يعني: كفراناً في النعمة، وهو قولهم: مطرنا بنوء كذا، ويقال: إلا جحوداً وثباتاً على الكفر.
قوله عز وجل: وَلَوْ شِئْنا لَبَعَثْنا قال مقاتل: ولو شئنا لبعثنا في زمانك فِي كُلِّ قَرْيَةٍ نَذِيراً يعني: رسولاً، ولكن بعثناك إلى القرى كلها رسولاً اختصصناك بها فَلا تُطِعِ الْكافِرِينَ وذلك حين دعوه إلى ملة آبائهم وَجاهِدْهُمْ بِهِ أي بالقرآن جِهاداً كَبِيراً يعني: شديداً.