يعني: من ورق التين يطبقان على أبدانهما ورقة ورقة منه. يقال: خصف نعله وهو إطباق طاق على طاق وأصل الخصف الضم والجمع. والخصف إنما هو إلصاق الشيء بالشيء ولهذا قيل:
خصاف. وقرأ بعضهم وطفَقَا بالنصب وهما لغتان طَفِقَ يَطْفَقُ وطَفَق يَطْفِقُ وَناداهُما رَبُّهُما أي قال: لهما ربهما: أَلَمْ أَنْهَكُما عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ أي عن أكل تلك الشجرة وَأَقُلْ لَكُما يعني: ألم أقل لكما إِنَّ الشَّيْطانَ لَكُما عَدُوٌّ مُبِينٌ ظاهر العداوة.
قوله عز وجل: قالا رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا بأكلنا الشجرة فاغفر لنا وتجاوز عن معصيتنا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنا وَتَرْحَمْنا يعني: إن لم تتجاوز عن ذنوبنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ بالعقوبة فهذه لام القسم كأنهما قالا: والله لنكونن من الخاسرين إن لم تغفر لنا وترحمنا. وقد ذكر الله تعالى قبول توبتهما في سورة البقرة. وهو قوله تعالى: فَتابَ عَلَيْهِ [البقرة: ٣٧] أي قبل توبته.
وفي الآية دليل أن الله تعالى يعذب عباده إذا أصروا على الذنوب ويتجاوز عنهم إذا تابوا، لأن إبليس لم يتب، وسأل النظرة، فجعل مأواه جهنم. وتاب آدم ورجع عن ذنبه فقبل توبته.
قوله: قالَ اهْبِطُوا يعني: آدم وحواء عليهما السلام وإبليس لعنه الله بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ يعني: إبليس عدوّ لآدم وحواء وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ أي: منزل وموضع القرار وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ أي: معاش إلى وقت الموت.
قوله تعالى: قالَ فِيها تَحْيَوْنَ أي: في الأرض تعيشون وَفِيها تَمُوتُونَ وَمِنْها تُخْرَجُونَ من الأرض من قبوركم يوم القيامة. قرأ الكسائي وابن عامر يَخْرُجُونَ بنصب الياء وضم الراء وقرأ الباقون بضم الياء ونصب الراء على معنى فعل ما لم يسم فاعله.