للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم رجع إلى قصة موسى بقوله: إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ يعني: كائنة أَكادُ أُخْفِيها يعني:

أسرها عن نفسي فكيف أعلنها لَّكُمْ يا أهل مكة؟ هكذا روي عن جماعة من المتقدمين، وهكذا قال ابن عباس في رواية أبي صالح، وقال القتبي كذلك في قراءة أبيّ أُخْفِيها من نفسي، وهكذا روى جماعة من المتقدمين. وروى طلحة عن عطاء: إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكادُ أُخْفِيها عن نفسي. وروي في إحدى الروايتين عن أبي بن كعب أنه كان يقول: تقرأ أَكادُ أُخْفِيها بنصب الألف يعني: أكاد أظهرها، وهي قراءة سعيد بن جبير. قال أهل اللغة: خفى يخفى أي أظهر، وقال امرؤ القيس:

«خفاهن من انفاقهن كأنما ... خفاهنّ من ودق سحاب مركّب»

يذكر الفرس أنه استخرج الفأرة من جحرهن كالمطر.

ثم قال: لِتُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما تَسْعى يعني: لتثاب كل نفس بما تعمل:

ثم قال عز وجل: فَلا يَصُدَّنَّكَ عَنْها يعني: لا يصرفنك عنها، يعني: عن الإقرار بقيام الساعة مَنْ لاَّ يُؤْمِنُ بِها يعني: من لا يصدق بقيام الساعة وَاتَّبَعَ هَواهُ فَتَرْدى يعني:

فتهلك، ويقال: الردى، الموت والهلاك.

[سورة طه (٢٠) : الآيات ١٧ الى ٢٣]

وَما تِلْكَ بِيَمِينِكَ يا مُوسى (١٧) قالَ هِيَ عَصايَ أَتَوَكَّؤُا عَلَيْها وَأَهُشُّ بِها عَلى غَنَمِي وَلِيَ فِيها مَآرِبُ أُخْرى (١٨) قالَ أَلْقِها يا مُوسى (١٩) فَأَلْقاها فَإِذا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعى (٢٠) قالَ خُذْها وَلا تَخَفْ سَنُعِيدُها سِيرَتَهَا الْأُولى (٢١)

وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلى جَناحِكَ تَخْرُجْ بَيْضاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ آيَةً أُخْرى (٢٢) لِنُرِيَكَ مِنْ آياتِنَا الْكُبْرى (٢٣)

ثم رجع إلى قصة موسى عليه السلام فقال عز وجل: وَما تِلْكَ بِيَمِينِكَ يا مُوسى يعني: أي شيء الذي بيدك أو ما الذي بيدك؟ وكان عالماً بما في يده، ولكن الحكمة في سؤاله لإزالة الوحشة عن موسى، لأن موسى كان خائفاً مستوحشاً كرجل دخل على ملك وهو خائف، فسأله عن شيء، فتزول بعض الوحشة عنه بذلك، ويستأنس بسؤاله. وقال بعضهم: إنما سأله تقريراً له أن ما في يده عصاً لكيلا يخاف إذا صار ثعباناً. ف قالَ موسى هِيَ عَصايَ أَتَوَكَّؤُا عَلَيْها يعني: أعتمد عليها إذا أعييت وَأَهُشُّ بِها عَلى غَنَمِي يعني: أخبط بها ورق الشجر لغنمي. فإن قيل: إنما سأله عما في يده ولم يسأله عما يصنع بها، فلم أجاب موسى عن شيء لم يسأله عنه؟ قيل له: قد قال بعضهم: في الآية إضمار يعني: وَما تِلْكَ بِيَمِينِكَ يا مُوسى قالَ هِيَ عَصايَ فقال: وما تصنع بها؟ قال أَتَوَكَّؤُا عَلَيْها وَأَهُشُّ بِها عَلى غَنَمِي- وقال بعضهم:

إنما خاف موسى بذلك لأنه أمره بأن يخلع نعليه، فخاف أن يأمره بإلقاء عصاه، فجعل يذكر

<<  <  ج: ص:  >  >>