ثم أخبر عن قلة صبرهم عند العذاب فقال: وَلَئِنْ مَسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِنْ عَذابِ رَبِّكَ يعني:
أصابتهم عقوبة من عذاب ربك، ويقال: معناه ولئن أصابهم العذاب، أي طرف من عذاب ربك ويقال: أدنى شيء من عذاب ربك. لَيَقُولُنَّ يا وَيْلَنا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ، ظلمنا أنفسنا بترك الطاعة لله ربنا.
في يوم القيامة. قال ابن عباس: «هو ميزان له لسانان وكفّتان توزن فيه أعمال الحسنات والسيئات، فيجاء بالحسنات في أحسن صورة، ويجاء بالسيئات في أقبح صورة. فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً، يعني: لا ينقص من ثواب أعمالهم شيئاً وَإِنْ كانَ مِثْقالَ حَبَّةٍ، يعني: وزن حبة مِنْ خَرْدَلٍ. قرأ نافع مِثْقالَ حَبَّةٍ بضم اللام، وقرأ الباقون بالنصب. فمن قرأ بالرفع فمعناه: وإن حصل للعبد مثقال حبة من خردل، ومن قرأ بالنصب معناه: وإن كان العمل مِثْقَالَ حَبَّة يصير خبر كان أَتَيْنا بِها، يعني: جئنا بها وأحضرناها، وقرأ بعضهم أَتَيْنا بالمد، يعني: جازينا بها وأعطينا بها وأثبتنا، وقراءة العامة بغير مد. ثم قال: وَكَفى بِنا حاسِبِينَ، أي: مجازين.
قوله عز وجل: وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسى وَهارُونَ الْفُرْقانَ يقول: النصرة والنجاة، فنصر موسى وهارون عليهما السلام، وأهلك عدوهما فرعون. وَضِياءً، يعني: الذي أنزل عليهما من الحلال والحرام في الكتاب. قرأ ابن كثير وَضِياءً بهمزتين، وقرأ الباقون بهمزة واحدة. وَذِكْراً، يعني: عظة لِلْمُتَّقِينَ الذين يتقون الكفر والفواحش والكبائر، وقال مجاهد: الفرقان الكتاب، وقال السدي: الفرقان والنصر والضياء النور وذكراً قال: التوراة، وقال مقاتل: الفرقان والتوراة. وروي عن ابن عباس أنه كان يقرأ ولقد آتينا موسى وهارون الفرقان ضِيَاء وَذِكْراً، يعني: أعطيناهما التوراة نورا وعظة وروي عن عكرمة قال: كان ابن عباس أنه كان يقرأ: الذين استجابوا لِلَّهِ والرسول اقرءوا بالواو، يعني: والذين استجابوا. وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسى وَهارُونَ الْفُرْقانَ وَضِياءً بغير واو وقال: اجعلوا هذه الواو عند قوله: الَّذِينَ اسْتَجابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ.
ثم قال عز وجل: الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ، يعني: يعملون لربهم في غيب عنه،