قالُوا إِنَّما نَحْنُ مُصْلِحُونَ أي نعمل بالطاعة، ولا نعمل بالمعاصي. وقد قيل: معنى لا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها، أي لا تداهنوا بين الناس ولا تعملوا بالمداهنة، قالُوا إِنَّما نَحْنُ مُصْلِحُونَ يعني لا نعادي الكفار ولا المؤمنين، حتى لو كانت الغلبة للمؤمنين أو للكفار، لا يصيبنا من دائرتهم شيء.
[[سورة البقرة (٢) : آية ١٢]]
أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلكِنْ لا يَشْعُرُونَ (١٢)
قال الله تعالى: أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ في الأرض وليسوا بمصلحين، لأن عداوتهم مع الفريقين، لأن كل فريق منهم يعلم أنهم ليسوا معهم. وقد قيل: معناه لا تفسدوا في الأرض بتفريق الناس عن محمد صلى الله عليه وسلم، أي لا تصرفوا الناس عن دينه قالُوا إِنَّما نَحْنُ مُصْلِحُونَ بتفريقنا عن دينه. أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ ألا: كلمة تنبيه، فنبه المؤمنين وأعلمهم نفاقهم، فكأنه قال: ألا أيها المؤمنون، اعلموا أنهم هم المفسدون العاصون. ويكون تكرار كلمة هم على وجه التأكيد، والعرب إذا كررت الكلام تريد به التأكيد. قال تعالى:
وَإِذا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَما آمَنَ النَّاسُ. قال في رواية الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس- رضي الله عنهما-: إن هذه الآية نزلت في شأن اليهود وَإِذا قِيلَ لَهُمْ يعني اليهود آمِنُوا كَما آمَنَ النَّاسُ يعني عبد الله بن سلام وأصحابه، قالُوا أَنُؤْمِنُ كَما آمَنَ السُّفَهاءُ يعني الجهال الخرقى. قال الله تعالى: أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهاءُ يعني الجهال الخرقى بتركهم الإيمان بمحمد عليه السلام، وَلكِنْ لاَّ يَعْلَمُونَ أنهم سفهاء.
وقال مقاتل: نزلت هذه الآية في شأن المنافقين، وهكذا قال مجاهد ومعناه: وَإِذا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا يعني صدِّقوا بقلوبكم، كما صدّق أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ورضي عنهم قالُوا: أَنُؤْمِنُ- يعني المنافقين- أنصدِّق كما صدق الجهال. قال الله تعالى: أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهاءُ يعني الجهّال بتركهم التصديق في السر، ولكن لا يعلمون أنهم جهال.