بكسر الميم، والباقون بنصب الميم، ومعناه واتقوا الله الذي تسألون به الحاجات، يعني الذي يسأل الناس بعضهم بعضاً، فيقول الرجل للرجل: أسألك بالله وأنشدك بالله والأرحام. يقول:
واتقوا اللَّهَ في ذوي الأرحام، فصلوها ولا تقطعوها. وأما من قرأ بالكسر معناه: أسألك بالله وبالرحم أن تعطيني شيئاً. وقال الزجاج: من قرأ بالخفض فخطأ في العربية وفي أمر الدين، أما الخطأ في العربية لأن الاسم يعطف على الاسم المفصح به ولا يعطف على المكنى به إلا في اضطرار الشعر، كقول الشاعر:
فاليوم قربت تهجونا وتشتمنا ... فما لنا بك والأيام من عجب
وأما في غير الشعر فلا يستعمل، وأما الخطأ الذي في الدين لأن النبيّ صلّى الله عليه وسلم قال:«لا تَحْلِفُوا بِآبائِكُمْ» . فالسؤال بالأرحام أمر عظيم. ولكن روي عن إبراهيم النخعي أنه كان يقرأ بالخفض أيضاً. ثم قال تعالى: إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً أي حفيظا لأعمالكم يسألكم عنها فيما أمركم به. وروى أبو هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:«ما من عمل حسنة أسرع ثوابا من صلة الرّحم، وما من عمل سيّئة أسرع عقوبة من البغي، واليمين الفاجرة تدع الديار بلاقع» وروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إن الله لمّا خلق الرّحم قال له: صل من وصلك واقطع من قطعك» . ويقال: الرحم مشتق من الرحمة، فمن قطعها فليس له من رحمة الله تعالى نصيب.
وقال صلى الله عليه وسلم:«الرّحم معلّق بالعرش، فمن قطعها قطعني، ومن وصلها وصلني»
ثم قال وَآتُوا الْيَتامى أَمْوالَهُمْ يقول للأولياء آتُوا الْيَتامى أَمْوالَهُمْ التي عندكم إذا بلغوا النكاح، يعني الحلم وَلا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ يعني الحرام بِالطَّيِّبِ يعني بالحلال من أموالكم يقول: لا تذروا أموالكم الحلال، وتأكلوا الحرام من أموال اليتامى. ويقال: لا تخلطوا الخبيث بالطيب. ويقال: لا تخلطوا من مالكم الرديء، وتأخذوا الجيد من مال اليتيم. يعني أن يرسل شاة عجفاء في غنمه ويأخذ مكانها شاة سمينة، وفي الحبوب كذلك. ويقال: لا تجعلوا أموالهم وقاية لأموالكم.
ثم قال تعالى وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَهُمْ إِلى أَمْوالِكُمْ يعني مع أموالكم إِنَّهُ كانَ حُوباً كَبِيراً يعني: إثماً عظيماً قرأ الحسن «حوباً» بنصب الحاء. قال مقاتل: هو بلغة الحبش. قال القتبي:
الحُوب والحَوْب واحد، وهو الإثم. وقال مقاتل: نزلت في رجل من غطفان كان معه مال كثير